الخلق إلى معرفتك ، أنظر إليك : أعرفك معرفة اضطرار ، كأني أنظر إليك ، كما جاء في الحديث «سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر» بمعنى : ستعرفونه معرفة جليّة هي في الجلاء كإبصاركم للقمر إذا امتلأ واستوى (١).
وقد أثار ذلك ثورة أحمد الإسكندري ، فجعل يقابل هجاءه لأهل السنّة بهجاء أهل العدل ، قال : «ولو لا الاستناد بحسّان بن ثابت الأنصاري صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وشاعره ، والمنافح عنه وروح القدس معه ، لقلنا لهؤلاء المتلقّبين بالعدليّة وبالناجين سلاما ، ولكن كما نافح حسّان عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أعداءه ، فنحن ننافح عن أصحاب سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أعداءهم فنقول :
وجماعة كفروا برؤية ربهم |
|
حقّا ووعد الله ما لن يخلفه |
وتلقّبوا عدليّة قلنا : أجل |
|
عدلوا بربّهم فحسبهمو سفه |
وتلقّبوا الناجين ، كلّا إنهم |
|
إن لم يكونوا في لظى فعلى شفه» (٢). |
البحر المحيط
لأثير الدين محمد بن يوسف بن علي الحياني الأندلسي النحوي ، كان من أقطاب سلسلة العلم والأدب ، وأعيان المبصرين بدقائق ما يكون من لغة العرب. حكي أنه سمع الحديث بالأندلس وإفريقيّة والإسكندرية ومصر والحجاز ، من نحو أربعمائة وخمسين شيخا ، وكان شيخ النحاة بالديار المصرية ، وأخذ عنه أكابر عصره. فعن الصفدي أنه قال : لم أره قطّ إلّا يسمع أو يشتغل أو يكتب
__________________
(١) تفسير الكشاف ، ج ٢ ، ص ١٥٢ ـ ١٥٦.
(٢) هامش تفسير الكشّاف ، ج ٢ ، ص ١٥٦.