حدّ الظنّ والتخمين إلى درجة الحق واليقين ... وإن الله فتح له من أبوابه ، ويسّر عليه من أسبابه ، ورفع له من حجابه ، ما لم يسهل لمن سواه ، ولم يتأتّ لمن عداه». هكذا يتعصّب لمذهب الشافعي ، ويحاول ترجيحه على سائر المذاهب.
قال الذهبي : إنّ تقديم الكتاب بمثل هذا الكلام ناطق بأن الرجل متعصّب لمذهبه ، وشاهد عليه بأنه سوف يسلك في كتابه مسلك الدفاع عن قواعد الشافعي وفروع مذهبه ، وإن أدّاه ذلك إلى التعسّف والتأويل. قال : ودونك الكتاب ، لتقف على مبلغ تعصّب صاحبه وتعسّفه (١).
وله حملات عنيفة على الجصّاص ، مقابلة له بالمثل ، فراجع الكتاب. والكتاب مطبوع أربعة أجزاء في مجلدين.
أحكام القرآن لابن العربي المالكي
هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد المعافري الأندلسي ، ختام علماء الأندلس وآخر أئمتها وحفّاظها ، توفي سنة (٥٤٣). كان من أهل التفنّن في العلوم والتبحّر فيها ، متكلّما في أنواعها ، نافذا في جمعها ، حريصا في طلبها.
ويعتبر هذا الكتاب مرجعا مهمّا للتفسير الفقهي عند المالكية ؛ حيث مؤلفه مالكي متأثّر بمذهبه ، فظهرت عليه في تفسيره روح التعصّب والدفاع عنه ، وربما حمل على مخالفيه حملة عشواء ، بما لا يتناسب ومقام الفقهاء العظام.
وعلى أي حال ، فهو كتاب حافل بالأدب واللغة مضافا إلى عرض مذاهب السلف في الفتيا ، والاستظهار من كتاب الله. تراه قد يطيل البحث بالقيل والقال ،
__________________
(١) التفسير والمفسرون ، ج ٢ ، ص ٤٤٥.