وردّا على مخالفي رأي أصحابه ، من غير جدوى. نجده عند آية الوضوء (١) يتعرّض لأصحاب الشافعي في اعتبارهم النيّة في الوضوء ، يقول : ظنّ ظانّون من أصحاب الشافعي الذين يوجبون النية في الوضوء ، أنه لمّا أوجب الوضوء عند القيام إلى الصلاة دلّ على أنه أوجبه لأجله ، وأنه أوجب به النية.
وهذا لا يصحّ ، فإن إيجاب الله سبحانه الوضوء لأجل الحدث لا يدلّ على أنه يجب عليه أن ينوي ذلك ، بل يجوز أن يجب لأجله ، ويحصل دون قصد تعليق الطهارة بالصلاة وبنيتها لأجله ... ويسهب في الكلام هنا ، وينتهي إلى قوله : فركب على هذا سفاسفة المفتين ، وأوردوا فيها نصّا عمن لا يفرّق بين الظن واليقين.
وينتقل بعد ذلك إلى الكلام حول (وَأَيْدِيَكُمْ) ، فيقول : اليد عبارة عمّا بين المنكب والظفر ، وهي ذات أجزاء وأسماء ، منها المنكب ومنها الكف والأصابع ، وهو محل البطش والتصرف العام في المنافع ، وهو معنى اليد. وغسلهما في الوضوء مرتين : إحداهما عند أوّل محاولة الوضوء وهو سنة ، والثانية في أثناء الوضوء وهو فرض.
قوله : (إِلَى الْمَرافِقِ). وذكر أهل التأويل في ذلك ثلاثة أقاويل :
الأول : أنّ «إلى» بمعنى «مع» ، كما قال تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ)(٢) معناه : مع أموالكم.
الثاني : أنّ «إلى» حدّ ، والحدّ إذا كان من جنس المحدود دخل فيه.
الثالث : أن المرافق حد الساقط لا حد المفروض. قاله القاضي عبد الوهاب ،
__________________
(١) المائدة / ٦.
(٢) النساء / ٢.