ولا ندري ما ذا يقول المنتصرون لمثل هذه الأباطيل ، فيما هو ثابت من أن عمر الدنيا أضعاف أضعاف ذلك ، حتى أصبح ذلك من البديهيّات المسلّمات ، وإن التمسّك بمثل هذه الروايات أضرّ على الدين من طعن أعدائه.
ولو أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعث ـ كما يقولون ـ في آخر المائة السادسة ، لقامت القيامة من زمن مضى ، فظهر أن الواقع والمشاهدة يكذبان ذلك أيضا ، ويردّانه.
ما يتعلق بخلق الشمس والقمر
ومن ذلك أيضا : ما ذكره ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه والثعلبي ، وغيرهم من المفسرين ، عند تفسير قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ. وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلاً)(١).
فقد رووا عن ابن عباس أنه قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «إن الله لما أبرم خلقه ، فلم يبق من خلقه غير آدم عليهالسلام ، خلق شمسا من نور عرشه ، فأما ما كان في سابق علم الله أن يدعها شمسا ، فإنه خلقها مثل الدنيا ، ما بين مشارقها ومغاربها ، وأما ما كان في سابق علمه أن يطمسها ويحوّلها قمرا ، فإنه خلقها مثل الشمس في الضوء ، وإنما يرى الناس صغرهما لشدة ارتفاعهما ، ولو تركهما الله كما خلقهما في بدء الأمر لم يعرف الليل من النهار ، ولا النهار من الليل ، ولكان الأجير ليس له وقت يستريح فيه ، ولكان الصائم لا يدري إلى متى يصوم ، ومتى يفطر ، إلى أن قال : فأرسل جبريل ، فأمر جناحه على وجه القمر ثلاث مرات ، وهو يومئذ شمس فمحا عنه الضوء ، وبقي فيه النور ، فذلك قوله تعالى : (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ) فالسواد الذي ترونه في القمر هو أثر ذلك المحو».
__________________
(١) الإسراء / ١٢.