هذا منهجه في التفسير ، وهو من خير المناهج المعروفة في التفسير بالمأثور ، ومناقشة الآراء المتضاربة في التفسير. وحقا أنه طويل الباع في هذا المجال ، سواء في النقل أم في النقاش.
موقفه تجاه أهل الرأي في التفسير
أنه يقف في وجه أهل الرأي في التفسير موقفا عنيفا ، ويرى من إعمال الرأي في تفسير كلام الله مخالفة بيّنة لظاهر دلائل الشرع ، ويشدّد في ضرورة الرجوع إلى العلم المأثور عن الصحابة والتابعين ، وأنّ ذلك وحده هو علامة التفسير الصحيح. فمثلا عند ما تكلم عن قوله تعالى : (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ)(١) نجده يذكر ما ورد في تفسيرها عن السلف ، مع توجيهه للأقوال وتعرّضه للقراءات ، بقدر ما يحتاج إليه تفسير الآية ، ثم يعرّج بعد ذلك على من يفسّر القرآن برأيه ، وبدون اعتماد منه على شيء إلّا على مجرد اللغة ، فيفنّد قوله ويحاول إبطال رأيه. فيقول ما نصّه : «وكان بعض من لا علم له بأقوال السلف من أهل التأويل ، ممّن يفسّر القرآن برأيه على مذهب كلام العرب ، يوجّه معنى قوله : (وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) إلى : وفيه ينجون من الجدب والقحط بالغيث ، ويزعم أنه من العصر بمعنى المنجاة ، كما جاء في قول أبي زبيد الطائي :
صاديا يستغيث غير مغاث |
|
ولقد كان عصرة المنجود |
أي المقهور.
وقول لبيد :
فبات وأسرى القوم آخر ليلهم |
|
وما كان وقّافا بغير معصّر |
قال : وذلك تأويل يكفي من الشهادة على خطئه ، خلافه قول جميع أهل
__________________
(١) يوسف / ٤٩.