المفسرون من قبل ، وحاويا لجميع ما بحثه السابقون عليه.
قال الشيخ في مقدمة تفسيره : فإن الّذي حملني على الشروع في عمل هذا الكتاب ، أني لم أجد أحدا من أصحابنا قديما وحديثا من عمل كتابا يحتوي على تفسير جميع القرآن ، ويشتمل على فنون معانيه ، وإنما سلك جماعة منهم في جمع ما رواه ونقله وانتهى إليه في الكتب المروية في الحديث ، ولم يتعرّض أحد منهم لاستيفاء ذلك وتفسير ما يحتاج إليه ، فوجدت من شرع في تفسير القرآن من علماء الأمة ، بين مطيل في جميع معانيه ، واستيعاب ما قيل فيه من فنونه ـ كالطبري وغيره ـ وبين مقصّر اقتصر على ذكر غريبه ، ومعاني ألفاظه. وسلك الباقون المتوسطون في ذلك مسلك ما قويت فيه منّتهم (١) ، وتركوا ما لا معرفة لهم به قال : وأنا إن شاء الله تعالى أشرع في ذلك على وجه الإيجاز والاختصار لكل فن من فنونه ، ولا أطيل فيملّه الناظر فيه ، ولا اختصر اختصارا يقصر فهمه عن معانيه.
فهو تفسير وسط جامع شامل ، حاويا لمحاسن من تقدّمه ، تاركا فضول الكلام فيه مما يملّ قارئيه ، فجاء في أحسن ترتيب وأجمل تأليف ؛ فلله درّه وعليه أجره.
منهجه في التفسير
أما المنهج الّذي سلكه في تفسير القرآن ، فهو المنهج الصحيح الّذي مشى عليه أكثر المفسرين المتقنين ، فيبدأ بذكر مقدمات تمهيدية ، تقع نافعة في معرفة أساليب القرآن ، ومناهج بيانه وسائر شئونه ، مما يرتبط بالتفسير والتأويل ، والمحكم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ ، ومعرفة وجوه إعجاز القرآن ، وأحكام تلاوته وقراءته ، وأنه نزل بحرف واحد ، والكلام عن الحديث
__________________
(١) المنّة ـ بضم الميم ـ : القوّة. والكلمة من الأضداد.