وكذلك روى هذا الباطل ابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وسنده واه ؛ لأن فيه نوح بن أبي مريم ، وهو وضّاع دجّال ، وقد حكم عليه ابن الجوزي بالوضع والاختلاق (١) ، ومنشؤه من الإسرائيليات التي ألصقت بالنبي زورا ، وفيه من الركاكة اللفظية ، والمعنوية ما يشهد بوضعه على النبي ، وليس عليه شيء من نور النبوة.
وما كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يتعرض للكونيات بهذا التفصيل ، ولما سئل عن الهلال لم يبدو صغيرا ثم يكبر ، حتى يصير بدرا ، ثم يصغر؟ ، أجاب بالفائدة ، فقال : (هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ) لأنّ بالأهلّة تعرف السنون ، والمشهور ، وعليها تتوقف مصالح الناس الدينية والدنيوية ، فبها يعرفون حجّهم ، وصومهم ، وإخراج زكاتهم ، وحلول آجال ديونهم ونحوها ، وليس من الحكمة التعرّض لمثل هذه الكونيّات بالتفصيل ، فتركها لعقول الناس ، وإدراكاتهم أولى ، ولا سيّما أنه لا يتوقف على معرفة الأمّة لمثل هذه الأمور فائدة دينية ، والقرآن والسنة النبويّة حينما يعرضان للحديث عن الكونيّات يكون غرضهما انتزاع العبرة ، والاستدلال بما أودع فيهما على وجود الله ـ جل وعلا ـ ووحدانيته ، وقدرته ، وعلمه ، وسائر صفاته ، ولذلك لا نقف فيما صح وثبت من الأحاديث على مثل هذه التفصيلات التي نجدها في الآثار الضعيفة ، والإسرائيليات الباطلة.
ما يتعلق بتعليل بعض الظواهر الكونية
ومن ذلك ما يذكره بعض المفسرين ، وما يوجد في بعض كتب الحديث في غروب الشمس ، وأنها إذا غربت ابتلعها حوت ، وما يتعلق بالسماوات ، والأجرام السماوية ، ومن أي الجواهر هي ؛ والأرض وعلام استقرت ، وأنها على ظهر
__________________
(١) اللئالئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ، ج ١ ، ص ٢٤ وما بعدها.