السبيل بعض الشيء.
تفسير الماوردي (النكت والعيون)
لأبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي البصري المتوفّى سنة (٤٥٠). والنسبة إلى «ماء ورد» كان يعمل به والده ويبيعه. ولد بالبصرة ، ثم ارتحل إلى بغداد ، وفيها سمع الحديث وأخذ الفقه وانضم إلى حلقات أبي حامد الأسفراييني. ولما بلغ أشدّه تصدّر للتدريس آونة في بغداد وأخرى في البصرة ، وتنقّل في البلاد لنشر العلم ، ثم استقرّ به المقام في بغداد ، فقام بالتدريس والتحديث وتفسير القرآن. وألّف فيها كتبه في الأدب والفقه والحديث والتفسير.
وتفسيره هذا يعدّ من أوجز التفاسير الّتي عنيت باللغة والأدب ونقل الآراء ونقدها ، والمشي على طريقة أهل النظر في التفسير. قال في مقدّمة تفسيره :
«ولما كان الظاهر الجليّ مفهوما بالتلاوة ، وكان الغامض الخفي لا يعلم إلّا من وجهين : نقل ، واجتهاد ، جعلت كتابي هذا مقصورا على تأويل ما خفي علمه ، وتفسير ما غمض تصوّره وفهمه. وجعلته جامعا بين أقاويل السلف والخلف ، وموضّحا عن المؤتلف والمختلف ، وذاكرا ما سنح به الخاطر من معنى يحتمل. عبّرت عنه بأنه محتمل ، ليتميّز ما قيل مما قلته ، ويعلم ما استخرج مما استخرجته» (١).
ويعتبر تفسير الماوردي من أهم كتب التفسير ، وقد اهتم به كثير من المفسرين المتأخرين عنه ، كابن الجوزي في تفسيره «زاد المسير» ، والقرطبي في
__________________
(١) النكت والعيون ، ج ١ ، ص ٢١.