والنمط الآخر من تفسير القرآن بالقرآن ، كان ما جاء فيه البيان غير مرتبط ظاهرا لا معنويّا ولا لفظيّا مع موضع الإبهام من الآية الأخرى ، سوى إمكان الاستشهاد بها لرفع ذلك الإبهام.
مثال ذلك ، آية السرقة ؛ حيث أبهم فيها موضع قطع اليد ، فقد بيّن الإمام أبو جعفر محمد بن علي الجواد عليهالسلام أنّه من موضع الأشاجع (مفصل أصول الأصابع) مستشهدا لذلك بقوله تعالى : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً)(١) حيث إنّ السارق إنّما جنى على نفسه ؛ فتعود عقوبته إلى ما يمسّه من الأعضاء ، وبما أن مواضع السجود لله تعالى ، لا يشركه فيها أحد ، وراحة الكف من مواضع السجود لله ، فلا موضع للقطع فيها (٢).
وجميع الآيات التي بظاهرها التشبيه ، يفسّرها قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(٣) حيث إنّها تنفي التشبيه على الإطلاق ، فلا بدّ هناك في آيات التشبيه من تأويل صحيح ، يوضّحه العقل السليم.
٢ ـ تفسير القرآن بالسنّة
لا شك أن مجموعة أحكام الشريعة وفروع مسائلها ، جاءت تفاصيل عمّا أبهم في القرآن وأجمل من عموم وإطلاق. وهكذا ما ورد في لسان المعصوم وفعله وتقريره ، بيانا لمختلف أبعاد الشريعة ، هي بيانات عمّا جاء في القرآن من
__________________
(١) الجنّ / ١٨.
(٢) راجع : تفسير العياشي ، ج ١ ، ص ٣١٩ ـ ٣٢٠.
(٣) الشورى / ١١.