سوف تزول وتندثر عند ذهاب علمائها وخيار أهلها ، وهكذا ورد تفسير الآية بذلك عن ابن عباس (١).
ومن هذا النمط أيضا قوله تعالى : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً)(٢).
ما هذه الأمانة التي كان الإنسان صالحا لحملها ، دون سائر المخلوق؟
فجاءت آية أخرى تفسّرها بالخلافة : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)(٣).
ثمّ ما هذه الخلافة الّتي منحت للإنسان ، وحظي بها هذا المخلوق دون سائر الخلق؟
كانت آية ثالثة تفسر الخلافة بقدرة الإبداع وإمكان التصرّف في ساحة الوجود : (أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ)(٤)(وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً)(٥) فقدرة الإنسان التسخيريّة وإمكان تصرّفه في عالم الوجود ، علوّه وسفله ، هي قدرته الإبداعيّة الّتي تمثّل قدرة الله الحاكمة على عالم الوجود بذاته المقدّسة.
فجاءت كل آية تفسّر أختها ، والقرآن يفسّر بعضه بعضا.
__________________
(١) راجع : تفسير البرهان للبحراني ، ج ٢ ، ص ٣٠١ ـ ٣٠٢.
(٢) الأحزاب / ٧٢.
(٣) البقرة / ٣٠.
(٤) لقمان / ٢٠.
(٥) الجاثية / ١٣.