اللّغات الغريبة التي جاءت في هذا التفسير
ومن امتيازات هذا التفسير الجليل ، استعماله اللغات الفارسية العتيدة ، ولكنها جاءت غريبة في هذا العهد ، ممّا ينبؤك عن أدب رفيع وإحاطة واسعة كان يحظى بها المؤلف الكبير. وإليك نماذج منها :
جاء بشأن نبي الله موسى عليهالسلام ذيل قوله تعالى : (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ)(١) أنه كان مخلصا ومخلصا ، قال :
__________________
كما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «كنت نبيّا وآدم مجبول في طينته».
من هنا قال «الشبلي» : لكلّ امرئ في القيامة خصيم ، وخصيمي فيها آدم عليهالسلام إذ عرقل طريقي ، لأضلّ راسبا في وحله.
قال شيخ الإسلام الأنصاري رحمهالله : أو تدري متى يبلغ المحقق الحقّ؟ ذاك حينما ينحدر سيل الربوبيّة ، ويرتفع غبار البشريّة ، وتزداد الحقيقة ، وتقلّ الأعذار ، فلا الجسم يبقى ولا القلب ، ولا الروح الصافية الخالصة من الماء والطين ، ولا النور الممتزج بالتراب ، ولا التراب الممتزج بالنور.
فالتراب يصير مع التراب ، والنور مع النور ، واللسان يصبح ذكرا في الرأس ، والذكر مذكورا في الرأس. القلب ينطبع في الرأس ، والانطباع ينقلب في الرأس نورا. الروح تتجلّى في الرأس ، والتّجلّي بعيد عن البيان.
فلو كنت ترجو ذلك اليوم فانخلع من نفسك ، كما تنخلع الحيّة من جلدها ، ودع ذاتك إذ الانتساب إليها مشين ، كما قال الشاعر الشّهم : لا عشق لله في قلب ما انفكّ حبيس صفاته.
لم يتيسّر الحظّ من ملك المعاني لأحد من العشّاق بدون زوال ملك الصّور.
(كشف الاسرار ، ج ١ ، ص ٣٢٧ ـ ٣٢٩.)
(١) البقرة / ١١٢.