وفتح الباري (ج ١٠ ، ص ١٩٣) ومسلم (ج ٧ ، ص ١٤) فمردود على قائله ، وهو من المفتعلات (١).
رأي صاحب المنار في الجنّ
يرى السيد رشيد رضا ما يراه شيخه وأستاذه في الجنّ ، وأنه لا يرى ، وكل من ادّعى رؤية الجنّ فهو مخطئ في إدراكه ، ولم يصحّ في ذلك حديث. ويرجّح أنّ من ادّعى رؤية الجن فذلك وهم منه وتخيّل ، ولا حقيقة له في الخارج ، أو لعلّه رأى حيوانا غريبا كبعض القردة ، فظنّه أحد أفراد الجنّ ، يقول هذا ثم يعرض في الهامش لذكر حديث أبي هريرة فيمن كان يسرق تمر الصدقة ، وإخبار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم له بأنه شيطان ـ وهو في البخاري ـ ولغيره من الأحاديث التي تدل على أنّ الإنسان يرى الجنّي ويبصره ، ثم يقول بعد أن يفرغ من سرده للروايات : والصواب أنه ليس في هذه الروايات كلها حديث صحيح (٢).
بل ونجده يزيد على ذلك فيجوّز أن تكون ميكروبات الأمراض نوعا من الجن ؛ وذلك حيث يقول عند ما تعرض لتفسير قوله تعالى في الآية (٢٧٥) من سورة البقرة : (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ) : «والمتكلمون يقولون : إن الجنّ أجسام حيّة خفيّة لا ترى. وقد قلنا في «المنار» غير مرّة : إنه يصحّ أن يقال : إنّ الأجسام الحيّة الخفيّة التي عرفت في هذا العصر بواسطة النظّارات المكبّرة وتسمّى بالمكروبات ، يصح أن تكون نوعا من الجنّ ، وقد ثبت أنها علل لأكثر الأمراض (٣).
__________________
(١) تكلّمنا عن ذلك في التمهيد (ج ١ ، ص ١٦٣ ـ ١٦٩) عند الكلام عن سورتي المعوذتين.
(٢) تفسير المنار ، ج ٧ ، ص ٥١٦ ، التفسير والمفسرون ، ج ٢ ، ص ٥٨٤.
(٣) تفسير المنار ، ج ٣ ، ص ٩٦.