ضالّة المؤمن ، أخذها حيث وجدها. فإن كان مذهب أهل الجمود يقضي بالأخذ بالظواهر الظنيّة ، حتى في باب العقائد ، التي تستدعي اليقين فيها ، فإنّ مذهب أهل النظر والاجتهاد ، يرى وجوب التدبّر في آياته تعالى والتعمّق فيها ؛ ذلك أنه دستور القرآن الكريم ، والذي هدى إليه العقل الرشيد.
نعم لا تقاس عقليّة مثل شيخنا الإمام الكبيرة ، مع ذهنية أمثال الذهبي الهزيلة التي اقتنعت بتقاليد أشعرية سلفية ، رغم منافاتها لأصول الشرع ومحكمات القرآن الكريم.
أوّلا : لا سلطان لإبليس على أحد ، سوى وسوسته وإغوائه ، قال تعالى فيما يحكيه عن إبليس لما قضى الأمر : (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ، فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ)(١).
ثانيا : ليس للشيطان سلطان على عباد الله المخلصين : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ)(٢) فلم يكن لإبليس على عباد الله المخلصين حتى سلطان الوسوسة والإغواء ، فكيف بالاستحواذ على عقليتهم الكريمة (٣).
ثالثا : أنّى للبيد أن يستحوذ على عقليّة مثل الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو مثال العقل الأول في عالم الإمكان.
إذن فلا يصح ما ورد في ذلك من تأثير السحر على عقله عليهالسلام ولم يثبت شيء من ذلك من طرق أهل البيت عليهمالسلام. أما الوارد في جامع البخاري (ج ٧ ، ص ١٧٨)
__________________
(١) راجع : المنار ، ج ٧ ، ص ٥١٢ ـ ٥١٣. إبراهيم / ٢٢.
(٢) الحجر / ٤٢.
(٣) وقد أنكر الشيخ الإمام إمكان استحواذ الشيطان على عباد الله المخلصين. راجع : المنار ، ج ٣ ، ص ٢٩١.