ادّعاءات فارغة (كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً ، حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً)(١).
نعم هناك منهم من يحاول الجمع بين الظاهر والباطن ، تأليفا بين الشريعة والطريقة ، كالقشيري في تفسيره ، ومنهم من يقتصر على الباطن معرضا عن الظاهر ، إما منكرا له كالباطنية المحضة ، أصحاب الحسن السبّاح ، وهم الملاحدة ، وعلى نظيرهم الخوارج والقرامطة. وكذا بعض تفاسير الصّوفية ممن اقتصروا على محض الباطن ، كمحيي الدين بن عربي في تفسيره الباطني المنسوب إليه. لكنه مع ذلك لم ينكر الظواهر ، وقد فسر القرآن أثناء كتبه تفسيرا آخر حسب الظاهر المعروف (٢).
ومثله تفسير أبي محمد الشيرازي «عرائس البيان» جرى في تفسيره على نمط واحد هو التفسير الإشاري ، ولم يتعرض للتفسير الظاهر بحال ، وإن كان يعتقد أنه لا بدّ منه أوّلا ، كما صرّح بذلك في مقدمة تفسيره ، وسنذكره.
أهم تفاسير الصوفيّة وأهل العرفان
لأهل العرفان الباطني تفاسير متنوعة في البناء على تأويل الآيات ، حسب مشاربهم في التصوّف والعرفان ، فمنهم من جمع بين تفسير الظاهر والباطن فاصلا بينهما كلّا على حدّه ، ومنهم من مزج بين الأمرين من غير فصل بينهما ، وربما حصل خلط من ذلك بحيث لا يعرف القارئ أنه تفسير أو تأويل ، ومنهم
__________________
(١) النور / ٣٩.
(٢) جمعه محمود الغرّاب من علماء دمشق المعاصرين حسبما نذكر.