في استعمارها. وعرض الأسماء على الملائكة وسؤالهم عنها وتنصّلهم في الجواب ، تصوير لكون الشعور الذي يصاحب كل روح من الأرواح المدبّرة للعوالم محدودا لا يتعدى وظيفته. وسجود الملائكة لآدم ، عبارة عن تسخير هذه الأرواح والقوى له ، ينتفع بها في ترقية الكون بمعرفة سنن الله تعالى في ذلك. وإباء إبليس واستكباره عن السجود ، تمثيل لعجز الإنسان عن إخضاع روح الشّر وإبطال داعية خواطر السوء الّتي هي مثار التنازع والتخاصم ، والتعدي والإفساد في الأرض. ولو لا ذلك لجاء على الإنسان زمن يكون فيه أفراده كالملائكة بل أعظم ، أو يخرجون عن كونهم من هذا النوع البشري» (١).
انكاره على أهل الحديث في روايتهم للطامّات
ثم إنّ الشيخ عبده كان ممن يرى تساهل أهل الحديث في رواياتهم الغثّ والسمين ، غير مبالين في متونها أهي مخالفة لأصول العقيدة أم متنافية مع مباني الإسلام الركينة ، الأمر الذي يؤخذ على أهل الحشو في الحديث في ذلك.
قال بشأن قصة زكريا وبشارة الملائكة له بيحيى ، وطلبه من الله أن يجعل له آية :
«ومن سخافات بعض المفسرين زعمهم أنّ زكريا عليهالسلام اشتبه عليه وحي الملائكة ونداؤهم ، بوحي الشياطين ؛ ولذلك سأل سؤال التعجّب ، ثم طلب آية للتثبّت. وروى ابن جرير عن السدّي وعكرمة : أنّ الشيطان هو الّذي شكّكه في نداء الملائكة ، وقال له : إنّه من الشيطان ، قال : «ولو لا الجنون بالروايات مهما هزلت وسمجت ، لما كان لمؤمن أن يكتب مثل هذا الهزء والسخف ، الذي ينبذه العقل ، وليس في الكتاب ما يشير إليه ، ولو لم يكن لمن يروي مثل هذا إلّا هذا
__________________
(١) تفسير المنار ، ج ١ ، ص ٢٨١ ـ ٢٨٢.