لكفى في جرحه ، وأن يضرب بروايته على وجهه. فعفى الله عن ابن جرير إذ جعل هذه الرواية مما ينشر» (١).
وقال فيما جاء من الروايات في سحر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم :
«وقد رووا هنا أحاديث في أن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سحره لبيد بن أعصم ، وأثّر سحره فيه ، حتى كان يخيّل له أنه يفعل الشيء وهو لا يفعله ، أو يأتي شيئا وهو لا يأتيه ، وأنّ الله أنبأه بذلك وأخرجت مواد السحر من بئر ، وعوفي صلىاللهعليهوآلهوسلم ممّا كان نزل به من ذلك ، ونزلت هذه السورة (سورة الفلق) (٢).
قال : «ولا يخفى أنّ تأثير السحر في نفسه عليهالسلام حتى يصل به الأمر إلى أن يظنّ أنه يفعل شيئا وهو لا يفعله ، ليس من قبيل تأثير الأمراض في الأبدان ، ولا من قبيل عروض السهو والنسيان في بعض الأمور العاديّة ، بل هو ماسّ بالعقل ، آخذ بالروح ، وهو مما يصدق قول المشركين فيه : (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُوراً)(٣). وليس المسحور عندهم إلّا من خولط في عقله ، وخيّل له أنّ شيئا يقع وهو لا يقع ، فيخيل إليه أنه يوحى إليه ، ولا يوحى إليه.
«وقد قال كثير من المقلّدين الذين لا يعقلون ما هي النبوّة ولا ما يجب لها : أنّ الخبر بتأثير السحر في النفس الشريفة قد صحّ ، فيلزم الاعتقاد به ، وعدم التصديق به من بدع المبتدعين ؛ لأنه ضرب من إنكار السحر ، وقد جاء القرآن بصحّة السحر. أنظر كيف ينقلب الدين الصحيح ، والحق الصريح ، في نظر المقلّد
__________________
(١) تفسير المنار ، ج ٣ ، ص ٢٩٨ ـ ٢٩٩.
(٢) راجع : الدر المنثور ، ج ٦ ، ص ٤١٧. ورواه البخاري ومسلم وابن ماجة (روح المعاني ، ج ٣٠ ، ص ٢٨٢ ـ ٢٨٣).
(٣) الفرقان / ٨.