بدعة ، نعوذ بالله ، يحتج بالقرآن على ثبوت السحر ، ويعرض عن القرآن في نفيه السحر عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم وعدّه من افتراء المشركين عليه ، ويؤوّل في هذه ولا يؤوّل في تلك ، مع أنّ الذي قصده المشركون ظاهر ؛ لأنهم كانوا يقولون : إن الشيطان يلابسه صلىاللهعليهوآلهوسلم وملابسة الشيطان تعرف بالسحر عندهم ، وضرب من ضروبه وهو بعينه أثر السحر الذي نسب إلى لبيد ، فإنه خولط في عقله وإدراكه ، في زعمهم. والذي يجب اعتقاده ، أنّ القرآن مقطوع به ، وأنه كتاب الله بالتواتر عن المعصوم صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو الذي يجب الاعتقاد بما يثبته ، وعدم الاعتقاد بما ينفيه ، وقد جاء بنفي السحر عنه عليهالسلام حيث نسب القول بإثبات حصول السحر له إلى المشركين أعدائه ، ووبّخهم على زعمهم هذا ، فإذا هو ليس بمسحور قطعا. وأما الحديث فعلى فرض صحته هو آحاد ، والآحاد لا يؤخذ بها في باب العقائد ، وعصمة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من تأثير السحر في عقله عقيدة من العقائد ، لا يؤخذ في نفيها عنه إلّا باليقين ، ولا يجوز أن يؤخذ فيها بالظن والمظنون ، على أنّ الحديث الذي يصل إلينا من طريق الآحاد إنما يحصل الظن عند من صح عنده. أما من قامت له الأدلة على أنه غير صحيح فلا تقوم به عليه حجّة.
«وعلى أيّ حال فلنا بل علينا أن نفوّض الأمر في الحديث ، ولا نحكّمه في عقيدتنا ، ونأخذ بنصّ الكتاب وبدليل العقل ، فإنه إذا خولط النبي في عقله ـ كما زعموا ـ جاز عليه أن يظنّ أنه بلّغ شيئا وهو لم يبلّغه ، أو أنّ شيئا نزل عليه وهو لم ينزل عليه ، والأمر ظاهر لا يحتاج إلى بيان» (١).
قال الذهبي ناقما على هذه الطريقة التي هي طريقة أهل الاعتزال :
__________________
(١) ذكر ذلك في تفسيره لجزء عم ص ١٨٥ ـ ١٨٦. وتعرض له في تفسير المنار ، ج ٣ ، ص ٢٩١.