عالم التفسير :
١ ـ تفسير القرآن بالقرآن
لا شك أنّ أتقن مصدر لتبيين القرآن هو القرآن نفسه ؛ لأنّه ينطق بعضه ببعض ، ويشهد بعضه على بعض (١) ـ كما قال الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ـ حيث ما جاء منه مبهما في موضع منه ، قد جاء مفصّلا ومبيّنا في موضع آخر ، بل وفي القرآن تبيان لكل شيء جاء مبهما في الشريعة ، فلأن يكون تبيانا لنفسه أولى. ومن ذلك جاء قولهم : «القرآن يفسر بعضه بعضا» كلام معروف.
وتفسير القرآن بالقرآن على نمطين : منه ما أبهم في موضع وبيّن في موضع آخر ـ فكان أحدهما متناسبا مع الآخر تناسبا معنويّا أو لفظيّا ـ كما في قوله تعالى : (حم. وَالْكِتابِ الْمُبِينِ. إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ)(٢) وقد جاء تبيين هذه الليلة المباركة بليلة القدر في سورة القدر : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)(٣) وقد بيّن في سورة البقرة أنها واقعة في شهر رمضان : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ)(٤).
فقد تبين من مجموع ذلك : أن القرآن نزل في ليلة مباركة هي ليلة القدر من شهر رمضان.
ومن ذلك أيضا قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا
__________________
(١) نهج البلاغة ، خ ١٣٣ ، ص ١٩٢ (صبحي صالح).
(٢) الدخان / ١ ـ ٣.
(٣) القدر / ١.
(٤) البقرة / ١٨٥.