التفسير في العصر الحديث
لم يترك الأقدمون لمن تأخّر عنهم كبير جهد في تفسير كتاب الله ، والكشف عن معانيه ومراميه ، فقد تناولوه من أول أمرهم بدراسته التفسيرية التحليلية دراسة توسّعت واطّردت مع الزمن على تدرّج ملحوظ ، وتلوّن بألوان مختلفة حسبما عرفت. ولا شك أنّ كلّ ما يتعلّق بالتفسير من الدراسات المختلفة قد وفّاه هؤلاء المفسرون القدامى حقّه من البحث والتحقيق ، فالنواحي اللغوية والبلاغية والأدبية والنحوية ، وحتى الفقهية والكلامية والكونية الفلسفيّة ، كل هذه النواحي وغيرها تناولوها بتوسّع ظاهر ملموس ، لم يتركوا لمن جاء بعدهم إلى ما قبل عصرنا بقليل من عمل جديد أو أثر مبتكر يقومون به في تفاسيرهم التي دوّنوها ، سوى أعمال ضئيلة لا يعدو أن يكون جمعا لأقوال المتقدمين ، أو شرحا لغامض آرائهم ، أو نقدا أو تفنيدا لما يعتوره الضعف منها ، أو ترجيحا لرأي على رأي ؛ مما جعل التفسير يقف وقفة طويلة مليئة بالركود ، خالية من التجديد والابتكار.
ولقد ظلّ الأمر على هذا ، وبقي التفسير واقفا عند هذه المرحلة ـ مرحلة