الركود والجمود ـ لا يتعداها ، ولا يحاول التخلّص منها. حتى جاء عصر النهضة العلمية الحديثة ، فاتجهت أنظار العلماء الذين لهم عناية بدراسة التفسير إلى أن يتحرّروا من قيد هذا الركود ، ويتخلّصوا من نطاق هذا الجمود ، فنظروا في كتاب الله نظرة فاحصة من جديد وإن كان لها اعتماد كبير على ما دوّنه الأوائل في التفسير أثّرت في الاتّجاه التفسيري للقرآن تأثيرا ملموسا ، وغيّرت من اتجاهاته القديمة ، وألبسته ثوبا جديدا لا ينكر ؛ إذ عملت في التخلّص من كل الاستطرادات التي حشرت في التفسير حشرا ومزجت به على غير ضرورة لازمة ، وثابرت على تنقية التفسير من القصص الإسرائيلية التي كادت تذهب بجمال القرآن وجلاله ، وتمحيص ما جاء فيه من الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أو على أصحابه والأئمة من بعده عليهمالسلام وإلباس التفسير ثوبا أدبيّا اجتماعيا ، في صياغة جديدة أظهرت روعة القرآن وجمال بهائه ، كما كشفت عن كثير من مراميه الدقيقة وأهدافه السامية ، في تعرفة الإنسان والحياة والسياسة والاجتماع ، وهكذا حاولت التوفيق بجدّ بالغ وجهد بيّن ، بين ظواهر القرآن وما جدّ من نظريات علميّة صحيحة ، على تفاوت بين الموقفين في الغلوّ والاعتدال. كل ذلك من أجل أن يعرف المسلمون ومن ورائهم الناس جميعا أنّ القرآن هو الكتاب الخالد ، الذي يتمشّى مع الزمان في جميع أطواره ومراحله. ولقد أجادوا وأفادوا في هذا المجال ، ولكنّهم توسّعوا في ذلك ، وربّما بلغ ببعضهم حدّ الإفراط والغلوّ ، بما أخرجهم عن حدّ الاعتدال.