فَلا تُطِعْهُما)(١).
ومع ذلك نراه قد تابع أباه في ضلال كان يعلمه.
أخرج ابن سعد عن الغنوي ، قال : بينا نحن عند معاوية ؛ إذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمّار ، يقول كل واحد منهما ؛ أنا قتلته. فقال عبد الله بن عمرو : ليطب به أحدكما نفسا لصاحبه ، فإنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «تقتله الفئة الباغية». فقال معاوية : ألا تغني عنّا مجنونك يا عمرو (٢) فما بالك معنا؟! قال : إن أبي شكاني إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : أطع أباك حيّا ولا تعصه. وأنا معكم ولست أقاتل (٣).
٧ ـ أبو هريرة
أما أبو هريرة فقد اختلف في اسمه ، كما لم يعرف أصله ونسبه ونشأته ، ولا شيء من تاريخه قبل إسلامه ، غير ما ذكر هو عن نفسه ، من أنّه كان يلعب بهرّة صغيرة ، وأنه كان معدما فقيرا خامل الذكر ، يخدم الناس على شبع بطنه. قال : كنت أرعى غنم أهلي ، وكانت لي هرّة صغيرة ، فكنت أضعها باللّيل في شجرة ، وإذا كان النهار ذهبت بها معي فلعبت بها ، فكنّوني «أبا هريرة». قال : نشأت يتيما
__________________
(١) لقمان / ١٥.
(٢) هكذا في النسخ ، ولعله : مجونك ، هو المزاح في وقاحة.
(٣) وهكذا أخرج ابن سعد عن عبد الله بن الحارث ، قال : إني لأسير مع معاوية في منصرفه عن صفّين بينه وبين عمرو بن العاص. فقال عبد الله : يا أبة ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول لعمار : ويحك يا ابن سميّة ، تقتلك الفئة الباغية. فقال عمرو لمعاوية : ألا تسمع ما يقول هذا! فقال معاوية : ما تزال تأتينا بهنة تدحض بها في بولك. أنحن قتلناه؟! إنما قتله الذين جاءوا به!!
(الطبقات ، ج ٣ ، ق ١ ، ص ١٨٠ ـ ١٨١)