١١ ـ تفسير ابن عطية (المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز)
هو أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي المغربيّ الغرناطيّ كان عالما شغوفا باقتناء الكتب ، فكان فقيها عارفا بالأحكام والحديث والتفسير ، نحويّا أديبا بارعا في الأدب والنظم والنثر. توفّي سنة (٤٨١).
وتفسيره هذا من أعظم التفاسير بالمأثور ؛ حيث ملؤه النقد والتحقيق والتمحيص. فكانت له قيمته العلمية بين كتب التفسير ؛ حيث أضفى مؤلّفه عليه من روحه العلمية الفياضة ، ما أكسبه دقّة ورواجا وقبولا.
يقول ابن خلدون عند ما يتعرض لكتب التفسير بالمأثور : فكتب الكثير من ذلك ونقلت الآثار الواردة فيه عن الصحابة والتابعين ، وانتهى ذلك إلى الطبري والواقدي والثعالبي وأمثال ذلك من المفسرين ، فكتبوا فيه ما شاء الله أن يكتبوه من الآثار ... وقد جمع المتقدمون في ذلك وأوعوا ، إلّا أن كتبهم ومنقولاتهم تشتمل على الغث والسمين والمقبول والمردود ... فامتلأت التفاسير من المنقولات عندهم (مسلمة اليهود) في أمثال هذه الأغراض (أسباب المكوّنات) أخبار موقوفة عليهم ، وليست مما يرجع إلى الأحكام ، فتتحرّى في الصّحة التي يجب بها العمل.
وتساهل المفسرون في مثل ذلك ، وملئوا كتب التفسير بهذه المنقولات ، وأصلها ـ كما قلنا ـ عن أهل التوراة الذين يسكنون البادية ، ولا تحقيق عندهم بمعرفة ما ينقلونه من ذلك ، إلّا أنهم بعد صيتهم وعظمت أقدارهم ؛ لما كانوا عليه من المقامات في الدين والملّة ، فتلقيت بالقبول من يومئذ.
فلما رجع الناس إلى التحقيق والتمحيص ، وجاء أبو محمد بن عطيّة من المتأخرين بالمغرب ، فلخّص تلك التفاسير كلها ، وتحرّى ما هو أقرب إلى