يجوز نقلها ، ولكن لا تصدق ولا تكذب ، فلهذا لا يعتمد عليها إلّا ما وافق الحق عندنا (١).
قوله : «وهي مما يجوز نقلها» هذا إنما تبع في ذلك شيخه ابن تيمية في تجويز الحديث عن بني إسرائيل ، ولكن من غير تكذيب ولا تصديق. وقد تكلّمنا في ذلك عند الكلام عن الإسرائيليات ، وأنه يجب نبذها وعدم نقلها ، ولا سيما إذا كانت من الشائعات عندهم ، غير مثبتة في كتبهم ، والأكثر هو من ذلك.
وهكذا في تفسير سورة «ق» ، يذكر عن بعض السلف أنه جبل محيط بالأرض ، ثم يعقبه بقوله : وكأنّ هذا ـ والله أعلم ـ من خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم ، مما لا يصدق ولا يكذب ، وعندي أنّ هذا وأمثاله وأشباهه من اختلاق بعض زنادقتهم ، يلبسون به على الناس أمر دينهم. كما افتري في هذه الأمة ـ مع جلالة قدر علمائها وحفاظها وأئمتها ـ أحاديث عن النبي وما بالعهد من قدم ، فكيف بأمة بني إسرائيل مع طول المدى وقلّة الحفاظ النقاد فيهم ، وشربهم للخمور ، وتحريف علمائهم الكلم عن مواضعه ، وتبديل كتب الله وآياته. وإنما أباح الشارع الرواية عنهم في قوله : «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» فيما قد يجوّزه العقل ، فأما فيما تحيله العقول ويحكم فيه بالبطلان ويغلب على الظنون كذبه ، فليس من هذا القبيل (٢).
__________________
(١) تفسير ابن كثير ، ج ١ ، ص ١٠٨ ـ ١١٠.
(٢) المصدر ، ج ٤ ، ص ٢٢١.