على عصمة الملائكة ، فإن كان ولا بدّ فهو تخصيص ، كما في شأن إبليس على القول بأنه من الملائكة ، ثم يذكر القصة نقلا عن الإمام أحمد في مسنده ، يرفعها إلى النبي ، لكنه يشكك في صحة السند ورفعه. وأخيرا يستغربها. ويذكرها أيضا بطريقين آخرين ويستغربهما ، وفي نهاية الأمر يقول : وأقرب ما يكون في هذا أنّه من رواية عبد الله بن عمر عن كعب الأحبار ، لا عن النبي ، إذن فدار الحديث ورجع إلى نقل كعب الأحبار ، عن كتب بني إسرائيل.
ثم يذكر الآثار الواردة في ذلك عن الصحابة والتابعين. ويذكر عن علي عليهالسلام أنه لعن الزهرة ، لأنها فتنت الملكين. ويعقبه بقوله : وهذا أيضا لا يصح وهو منكر جدا.
ويذكر عن ابن مسعود وابن عباس وعن مجاهد أيضا ، ثم يقول : وهذا إسناد جيّد إلى عبد الله بن عمر ، وأضاف : وقد تقدّم أنه من روايته عن كعب الأحبار.
وفي النهاية يقول : وقد روي في قصة هاروت وماروت عن جماعة من التابعين وقصّها خلق من المفسرين من المتقدمين والمتأخرين ، وحاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل ؛ إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح ، متصل الإسناد إلى الصادق المصدّق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى (١).
انظر إلى هذا التحقيق الأنيق بشأن خرافة إسرائيلية غفل عنها أكثر المفسرين.
وكذا في قصة البقرة ، نراه يقصّ علينا قصة طويلة مسهبة وغريبة على ما ذكره المفسرون ويعقّبها بقوله : وهذه السياقات عن عبيدة وأبي العالية والسدّي وغيرهم ، فيها اختلاف ، والظاهر أنها مأخوذة من كتب بني إسرائيل ، وهي مما
__________________
(١) تفسير ابن كثير ، ج ١ ، ص ١٣٧ ـ ١٤١.