أحمر ، كأنه كساء أنبجاني (١) ، ولا أدري كيف كان لا يتّهم بالكذب ، وما زعم كذب لا شك فيه ، فهل بقي كلب أصحاب الكهف حتى الإسلام؟! وكذلك ذكروا أخبارا غرائب في الرقيم ، فمن قائل : إنه قرية ، وروى ذلك عن كعب الأحبار ، ومن قائل : إنه واد بفلسطين ، بقرب أيلة ، وقيل : اسم جبل أصحاب الكهف إلى غير ذلك. مع أن الظاهر أنه كما قال كثير من السلف : إنه الكتاب أو الحجر الذي دوّن فيه قصّتهم وأخبارهم ، أو غير ذلك ، مما الله أعلم به ، فهو فعيل بمعنى مفعول ، أي مرقوم ، وفي الكتاب الكريم : (وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ (٢) وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ)(٣).
وفي هذه الأخبار : الحق والباطل ، والصدق والكذب ، وفيها ما هو محتمل للصدق والكذب ، ولكن فيما عندنا غنية عنه ، ولا فائدة من الاشتغال بمعرفته وتفسير القرآن به ، كما أسلفنا ، بل الأولى والأحسن أن نضرب عنه صفحا ، وقد أدّبنا الله بذلك ؛ حيث قال لنبيه بعد ذكر اختلاف أهل الكتاب في عدد أصحاب الكهف : (قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ ما يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً)(٤).
وغالب ذلك ما أشرنا إليه وغيره متلقّى عن أهل الكتاب الذين أسلموا. وحمله عنهم بعض الصحابة والتابعين لغرابته والعجب منه ، قال ابن كثير في تفسيره : «وفي تسميتهم بهذه الأسماء ، واسم كلبهم ، نظر في صحته والله أعلم ـ
__________________
(١) نسبة إلى أنبج بلد تعرف بصنع الأكسية.
(٢) المطففين / ١٩ و ٢٠.
(٣) المطففين / ٨ و ٩.
(٤) الكهف / ٢٢.