خلط سليمها بسقيمها ؛ بحيث خفي وجه الصواب.
ولقد كانت كثرة المروي من ذلك كثرة جاوزت الحدّ ، وبخاصّة ما إذا وجدنا التناقض وتضارب الأقوال ، وكثيرا ما تضادّ ما نسب إلى شخص واحد ، كالمرويات عن ابن عباس ، كان ذلك من أكبر عوامل زوال الثقة بها أو بالأكثرية الساحقة منها ، الأمر الذي يستدعي التثبّت لديها ، وإمعان النظر والبحث والتمحيص.
هذا الإمام أحمد بن حنبل يصرّح بأنه لم يثبت في التفسير شيء ، يقول : ثلاث كتب لا أصل لها : المغازي ، والملاحم ، والتفسير. قال المحققون من أصحابه : مراده أنّ الغالب أنه ليس لها أسانيد صحاح متّصلة (١).
وهذا الإمام محمد بن إدريس الشافعي يقول : لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلّا شبيه بمائة حديث (٢). مراده : عدم صحّة الإسناد إليه في الكثير من المرويّات عنه.
وهذا الكلام ، وإن كان مبالغا فيه ، إلّا أنّه يدلّنا على مبلغ ما دخل في التفسير النقلي من الروايات المكذوبة المصطنعة ، فضلا عن الضعاف والمراسيل.
وعلى أيّ تقدير فأسباب الوهن في التفسير النقلي تعود إلى الأمور الثلاثة التالية :
أوّلا : ضعف الأسانيد وإرسالها أو حذفها رأسا ؛ مما يوجب القدح في التفسير بالمأثور.
وثانيا : كثرة الوضع والدسّ والتزوير في الحديث والتفسير ، بما أوجب
__________________
(١) الإتقان ، ج ٤ ، ص ١٨٠.
(٢) المصدر نفسه ، ص ٢٠٩.