مريم عليهماالسلام لو بعثت لنا رجلا شهد السفينة ، فحدّثنا عنها. فانطلق بهم ، حتى انتهى إلى كثيب من تراب ، فأخذ كفا من ذلك التراب ، قال : أتدرون ما هذا؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : هذا كعب حام بن نوح ، فضرب الكثيب بعصاه ، قال : قم بإذن الله ، فإذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه ، قد شاب ، قال له عيسى عليهالسلام : هكذا هلكت؟! ، قال : لا ، مت وأنا شاب ، ولكنّني ظننت أنها الساعة ، فمن ثم شبت ، قال : حدّثنا عن سفينة نوح ، قال : كان طولها ألف ذراع ، ومائتي ذراع ، وعرضها ستمائة ذراع ، كانت ثلاث طبقات ، فطبقة فيها الدواب والوحش ، وطبقة فيها الإنس ، وطبقة فيها الطير. فلما كثر أرواث الدواب أوحى الله إلى نوح : أن اغمز ذنب الفيل ، فغمزه ، فوقع منه خنزير وخنزيرة!! ، فأقبلا على الروث ، فلما وقع الفأر جعل يخرّب السفينة بقرضه أوحى الله إلى نوح : أن اضرب بين عيني الأسد ، فخرج من منخره سنور وسنورة ، فأقبلا على الفأر فأكلاه.
وفي رواية أخرى : أن الأسد عطس ، فخرج من منخره سنوران ، ذكر وأنثى ، فأكلا الفأر ، وأن الفيل عطس ، فخرج من منخره خنزيران ، ذكر وأنثى ، فأكلا أذي السفينة. وأنه لما أراد الحمار أن يدخل السفينة أخذ نوح بأذني الحمار ، وأخذ إبليس بذنبه ، فجعل نوح عليهالسلام يجذبه ، وجعل إبليس يجذبه ، فقال نوح : ادخل شيطان ـ ويريد به الحمار ـ فدخل الحمار ، ودخل معه إبليس. فلما سارت السفينة جلس إبليس في أذنابها يتغنّى ، فقال له نوح عليهالسلام : ويلك من أذن لك؟! قال : أنت!! قال : متى؟! قال : أن قلت للحمار : ادخل يا شيطان ، فدخلت بإذنك.
وزعموا أيضا : أن الماعز لما استصعبت على نوح أن تدخل السفينة فدفعها في ذنبها ، فمن ثم انكسر ، وبدا حياها ، ومضت النعجة فدخلت من غير معاكسة ، فمسح على ذنبها ، فستر الله حياها ـ يعني فرجها ـ وزعموا أيضا : أن سفينة نوح عليهالسلام طافت بالبيت أسبوعا ، بل رووا عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن