حتى جاوز يأجوج ومأجوج ، ثم مضى به إلى أمة أخرى ، وجوههم وجوه الكلاب ، يقاتلون يأجوج ومأجوج ، ثم مضى به حتى قطع به أمة أخرى يقاتلون هؤلاء الذين وجوههم وجوه الكلاب ؛ ثم مضى حتى قطع به هؤلاء إلى أمة أخرى قد سماهم» (١) ، ثم عقب ذلك بسرد المرويات في سبب تسميته بذي القرنين.
وذكر السيوطي في «الدر المنثور» (٢) مثل ذلك ، وقال : إنه أخرجه ابن عبد الحكم في «تاريخ مصر» ، وابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي في «الدلائل».
وكل هذا من الإسرائيليات التي دسّت على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولو شئت أن أقسم بين الركن والمقام أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما قال هذا ، لأقسمت ، وابن لهيعة ضعيف في الحديث.
وقد كشف لنا الإمام الحافظ ابن كثير عن حقيقة هذه الرواية في تفسيره ، وأنحى باللائمة على ما رواها ، فقال : «وقد أورد ابن جرير هاهنا ، والأموي في مغازيه ، حديثا أسنده ـ وهو ضعيف ـ عن عقبة بن عامر : أن نفرا من اليهود جاءوا يسألون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن ذي القرنين ، فأخبرهم بما جاءوا له ابتداء ، فكان فيما أخبرهم به : أنه كان شابّا من الروم ، وأنه بنى الإسكندرية ، وأنه علا به ملك في السماء وذهب به إلى السد ، ورأى أقواما وجوههم مثل وجوه الكلاب.» وفيه طول ونكارة ، ورفعه لا يصح ، وأكثر ما فيه أنه من أخبار بني إسرائيل.
والعجب أن أبا زرعة الرازي مع جلالة قدره ساقه بتمامه في كتاب «دلائل النبوة» وذلك غريب منه ، فيه من النكارة أنه من الروم ، وإنما الذي كان من الروم
__________________
(١) جامع البيان ، ج ١٦ ، ص ٧ و ٨.
(٢) ج ٤ ، ص ٢٤١.