المفسرين معزوّة لأصحابها ، ويرجّح ويوجّه ما يختار منها.
ثم يقول عنه الذهبي : وإذا كان لنا بعض المآخذ عليه فهو تشيّعه لمذهبه وانتصاره له ، وحمله لكتاب الله على ما يتّفق وعقيدته ، وتنزيله لآيات الأحكام على ما يتناسب مع الاجتهادات التي خالف فيها هو ومن على شاكلته. وروايته لكثير من الأحاديث الموضوعة. غير أنه ـ والحق يقال ـ ليس مغاليا في تشيّعه ، ولا متطرفا في عقيدته ، كما هو شأن كثير غيره ، من علماء الإمامية (١).
ثم يذكر الذهبي أمثلة لما ظنّه مؤاخذة على مفسّرنا الجليل ، وحسب أنه تعصّب لها انتصارا لمذهبه في التشيّع ، في حين أنه أدّى الكلام حقه ولم يفرط في القول ، كما أنه لم يفرط كما فرّط الآخرون من سائر المفسرين.
مثلا في قصّة الخاتم عند تفسير قوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)(٢) نراه يفصّل في الكلام عن شأن نزول الآية ، ودلالتها الصريحة في إمامة مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام بما أتم الحجة وبلّغ في البيان.
أما الأستاذ الذهبي فلم يرقه ذلك ، وقال ناقما عليه : ولا شك أنّ هذه محاولة فاشلة ، فإنّ حديث تصدّق عليّ بخاتمه في الصّلاة ـ وهو محور الكلام ـ حديث موضوع لا أصل له. وقد تكفّل العلامة ابن تيميّة بالرّد على هذه الدعوى في كتابه «منهاج السنة ، ج ٤ ، ص ٣ ـ ٩» (٣).
قلت : أترى ابن تيميّة لم يتعصّب لمذهبه في النّصب لعليّ وآل الرسول ، في
__________________
(١) التفسير والمفسرون ، ج ٢ ، ص ١٠٤ ـ ١٠٥.
(٢) المائدة / ٥٥.
(٣) التفسير والمفسرون ، ج ٢ ، ص ١٠٩.