وتعرّض الذهبي لمسائل في الأصول والفروع مما اختصت الشيعة القول به ، مثل : «الرجعة» و «المهدي» و «التقية» و «المسح على الأرجل» ونحوها ، مما صرّحت به الآيات ، أو جاء به النقل المتواتر متوافقا مع ظاهر القرآن. وقد أشاد به شيخنا الطبرسي في تفسيره حسب مسلكه ، في تحكيم ظواهر القرآن عند تزاحم الآراء في مسائل الخلاف.
وأخيرا يقول عنه : والطبرسي معتدل في تشيّعه غير مغال فيه ، كغيره من متطرفي الإمامية ، ولقد قرأنا في تفسيره فلم نلمس عليه تعصّبا كبيرا ، ولم نأخذ عليه أنه كفّر أحدا من الصحابة ، أو طعن فيهم بما يذهب بعدالتهم ودينهم ، كما أنه لم يغال في شأن علي بما يجعله في مرتبة الإله أو مصافّ الأنبياء ، وإن كان يقول بالعصمة.
وكل ما لاحظناه عليه من تعصّبه لمذهب أنه يدافع بكل قوّة عن أصول مذهبه وعقائد أصحابه. كما أنه إذا روى أقوال المفسرين في آية من الآيات ، ونقل أقوال المفسّرين من أهل مذهبه فيها ، نجده يرتضي قول علماء مذهبه ويؤيّده ، بما يظهر له من الدليل (١).
قلت : وقد أساء الظنّ بالشيعة ولعلّه تعمّد مقيت حيث حسب منهم من يجعل عليا عليهالسلام في مرتبة الإله ؛ إذ لم نجد من ينتمي إلى الشيعة من يزعم ذلك ، اللهمّ إلّا الغلاة وهم خارجون عن الملّة ، وتحكم الشيعة عليهم بالكفر والإلحاد.
أما مصافّ الأنبياء ، فهو بلوغ مرتبة توازي مرتبة الأنبياء في الفضيلة دون النبوّة ، فهو أمر معقول. وقد جعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم العلماء في مصافّ الأنبياء ؛ حيث
__________________
(١) التفسير والمفسرون ، ج ٢ ، ص ١٤٢ ـ ١٤٣.