وابن مسعود وأضرابهما ، فتركوا السبيل السويّ ولجأوا إلى معوّج الطريق.
هذا ابن عباس يناديهم فيقول :
«كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء ، وكتابكم الذي أنزل على رسول الله أحدث (١) ، تقرءونه محضا لم يشبّ (٢). وقد حدّثكم أنّ أهل الكتاب بدّلوا كتاب الله وغيّروه وكتبوا بأيديهم الكتاب ، وقالوا : هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا. ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم. لا والله ما رأينا منهم رجلا قطّ يسألكم عن الذي أنزل عليكم» (٣).
وكان من الآثار السيّئة التي خلّفتها مراجعة أهل الكتاب رغم نهي النبي عنها أن خلطت الأكاذيب الإسرائيلية بالتفسير والحديث الوارد عن النبي والخيار من صحابته الأجلّاء ، فشوّهت وجه التفسير ، فضلا عن التاريخ والحديث. وسوف نذكر نماذج من هذا التشويه ، ولا سيّما في التفسير بالمأثور.
قال ابن خلدون :
وصار التفسير على صنفين : تفسير نقلي مسند إلى الآثار المنقولة عن السلف ، وهي معرفة الناسخ والمنسوخ وأسباب النزول ومقاصد الآي ، وكل ذلك لا يعرف إلّا بالنقل عن الصحابة والتابعين ، وقد جمع المتقدمون في ذلك وأروعوا ، إلّا أنّ كتبهم ومنقولاتهم تشتمل على الغثّ والسمين والمقبول
__________________
(١) في نسخة : «أحدث الأخبار بالله».
(٢) لم يشب : من الشوب وهو الخلط ، أي لم يشبه شيء ، كناية عن عدم الدسّ فيه والتحريف ، كما كان عليه كتب السالفين.
(٣) صحيح البخاري ، ج ٩ ، ص ١٣٦. وج ٣ ، ص ٢٣٧. وفي الموضعين بعض الاختلاف في لفظ الحديث.