الكهف وأسماء الطيور التي أحياها الله لإبراهيم ، مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلّفين في دنياهم ودينهم. ولكن نقل الخلاف عنهم في ذلك جائز (١).
ويستدل الذهبي لجواز مراجعة أهل الكتاب والنقل عنهم فيما لا يخالف الشريعة بآيات ، زعم دلالتها على إباحة الرجوع إليهم ، قال :
وإذا نحن نظرنا في القرآن الكريم ، وجدنا من آياته البيّنات ما يدعو نبي الإسلام وجماعة المسلمين إلى أن يرجعوا إلى علماء أهل الكتاب من اليهود والنصارى ليسألوهم عن بعض الحقائق التي جاءت في كتبهم ، وجاء بها الإسلام فأنكروها ، أو أغفلوها ، ليقيم عليهم الحجّة ، ولعلّهم يهتدون.
ومن هذه الآيات الدالّة على إباحة رجوع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن تبع دينه من المسلمين إلى أهل الكتاب قوله تعالى : (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ)(٢) ، وقوله : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(٣) ، وقوله : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا)(٤). قال : ومعناه : واسأل أممهم وعلماء دينهم. قال الفراء مبيّنا وجه المجاز في الآية : هم إنما يخبرونه عن كتب الرسل ، فإذا سألهم فكأنه سأل الأنبياء عليهمالسلام ، وقوله : (وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ) ، وقوله : (فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ) ، وقوله : (سَلْ
__________________
(١) مقدمته في أصول التفسير ، ص ٤٥ ـ ٤٦ ، (المطبعة السلفية) وراجع : مقدمة تفسير ابن كثير ، ج ١ ، ص ٤.
(٢) يونس / ٩٤.
(٣) الأنبياء / ٧ ، والنحل / ٤٣.
(٤) الزخرف / ٤٥.