أنّ عبد الله بن عمرو بن العاص أصاب يوم اليرموك زاملتين من كتب أهل الكتاب فكان يحدّث منهما ، لا يعارض ما رواه البخاري من إنكار ابن عباس على من يسأل أهل الكتاب.
ولا ما رواه عبد الرزاق في مسنده عن ابن مسعود من نهيه عن سؤال أهل الكتاب بقوله : «لا تسألوا أهل الكتاب ، فإنّهم لن يهدوكم وقد أضلّوا أنفسهم».
ولا ما رواه أحمد من إنكار الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم على عمر لمّا أتاه بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب بقوله : «أمتهوّكون فيها يا ابن الخطاب».
قال : «نعم لا تعارض بين هذا وذاك ؛ لأن صحابة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كانوا أعرف الناس بأمور دينهم ، وكان لهم منهج سديد ومعيار دقيق في قبول ما يلقى إليهم من الإسرائيليّات ، ما كانوا يرجعون إليهم في كل شيء ، وإنما كانوا يرجعون إليهم لمعرفة بعض جزئيّات الحوادث والأخبار.
قال : أما إنكار الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وإنكار الصحابة على من كان يرجع إليهم ، فقد كان في مبدأ الإسلام وقبل استقرار الأحكام ، مخافة التشويش على عقائدهم وأفكارهم (١).
قال ابن حجر : «وكأنّ النهي وقع قبل استقرار الأحكام الإسلاميّة والقواعد الدينيّة خشية الفتنة. ثم لمّا زال المحذور وقع الإذن في ذلك ، لما في سماع الأخبار التي كانت في زمانهم من الاعتبار» (٢).
__________________
(١) الإسرائيليّات في التفسير والحديث ، ص ٦٦ ـ ٦٧.
(٢) راجع : فتح الباري ، ج ٦ ، ص ٣٢٠.