فلما دخلت العساكر الغازية مكّة امتنع فيل أبرهة من التقدم نحو الكعبة ، وجثى على الأرض ، فتوقّف الجيش عن الزحف ، وفي الأثناء فوجئ أبرهة وجيشه بطيور تحوم عليهم في الجو ، وهي تحمل حصيّات في مناقيرها وأرجلها ، فأخذت ترميها عليهم كالشهاب الثاقب أو أشدّ منه ، فأهلكتهم بأجمعهم ، ولم ينج منهم إلّا أبرهة نفسه ، فهرب باتّجاه اليمن ، ولكن عذاب الله لا حقه في الطريق فأهلكه بصورة مفجعة ، وقيل : هرب إلى الحبشة ، فلما وصل إلى بلاط النجاشي أصيب بعذاب من الله فهلك.
وهناك رواية أخرى لسبب هجوم أبرهة على مكة ، وهي : أنّ جماعة من قريش خرجوا في تجارة إلى الحبشة ، فلما وصلوا إلى ساحل البحر ، وكان فيه كنيسة تدعى : ماسرخشان وقيل : القليس نزلوا عند الكنيسة ، وأوقدوا نارا لطهي طعامهم ، وبعد أن فرغوا من الطهي والأكل تركوا النيران على حالها ورحلوا ، فأتت النيران على الكنيسة والتهمتها ، فلما علم النجاشي بحرق الكنيسة غضب لذلك ، وجهّز جيشا يقدمه فيل أو أفيال لهدم الكعبة ؛ انتقاما لحرق الكنيسة ، ولكن الله كان لهم بالمرصاد ، فأرسل عليهم الطيور وحصيّاتهم فأبادتهم ، وسلمت الكعبة.
فأطلق على أبرهة أو النجاشي وعساكرهما أصحاب الفيل ، وكانت تلك الحادثة قبل ولادة النبي محمّد صلىاللهعليهوآله ب ٤٠ سنة ، وقيل : ب ٢٣ سنة ، وقيل : حدثت في سنة ولادته صلىاللهعليهوآله.
القرآن العظيم وأصحاب الفيل
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ) الفيل ١.
(أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ) الفيل ٢.
(وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ) الفيل ٣.
(تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ) الفيل ٤.
(فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) الفيل ٥. (١)
__________________
(١). الأخبار الطوال ، ص ٦٢ و ٦٣ ؛ أسباب النزول ، للواحدي ، ص ٣٩٦ ؛ الأصنام ، ص ٤٦ و ٤٧ ؛ أعلام قرآن ، للخزائلي ، ص ١٣٨ ـ ١٤٤ ؛ أقرب الموارد ، ج ٢ ، ص ٩٥٦ ؛ الأمالي ، للطوسي ،