مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ ....)
كان فريق من المسلمين الأوائل ، كالمترجم له وأمثاله يسبقون الناس إلى مجلس النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فيجيء الأشراف والسادات من قريش وغيرهم إلى مجلس النبي صلىاللهعليهوآله ، وقد جلس المسلمون المستضعفون أمثال بلال عند النبي صلىاللهعليهوآله ، فكان الأشراف يجلسون ناحية من المجلس ، وكانوا يقولون للنبي صلىاللهعليهوآله : نحن سادة قومك وأشرافهم ، فلو أدنيتنا منك ونحّيت بلالا وأمثاله عن مجلسك لكان ذلك أحسن وأجمل ، فنزلت الآية ٥٢ من نفس السورة في المترجم له وأشباهه من المؤمنين : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ....)
وفي أحد الأيام دخل بعض رؤساء المشركين على النبي صلىاللهعليهوآله فوجدوا عنده جماعة من المسلمين بينهم المترجم له ، فقالوا للنبي صلىاللهعليهوآله : لو أبعدت هؤلاء وطردتهم لآمنّا بك واتبعناك ، فنزلت الآية ٥٣ من نفس السورة : (وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ.)
وشملته الآية ٤١ من سورة النحل : (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا ....)
ونزلت فيه وفي أمثاله من المسلمين الّذين عذّبوا على يد المشركين الآية ١٠٦ من السورة السابقة : (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ ....)
وشملته الآية ١١٠ من نفس السورة : (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَصَبَرُوا ....)
والآية ٢٨ من سورة الكهف : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ ....)
والآية ١٠٩ من سورة المؤمنون : (إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ.)
ولمّا فتح النبي صلىاللهعليهوآله مكّة سنة ٨ ه أمر بلالا بأن يؤذّن على ظهر الكعبة ، فصعد وأذّن ، فقال المشركون والمنافقون أقاويل كثيرة ، فمنهم من قال : الحمد لله الّذي قبض أبي حتى لا يرى هذا اليوم ، وقال آخر : أما وجد محمّد صلىاللهعليهوآله غير هذا الغراب الأسود مؤذنا ، وقال آخرون : يا عباد الله! هذا العبد الأسود يؤذن على ظهر الكعبة ، وغير ذلك من كلمات