أن يرزقني مالا ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : يا ثعلبة! قليل تؤدّي شكره خير من كثير لا تطيقه ، فقال ثعلبة : والذي بعثك بالحق لئن رزقني الله مالا لأعطينّ كلّ ذي حقّ حقّه ، وإن تفضّل عليّ وأنعم لأكون من الصالحين وأتصدق في سبيل الله ، فدعا له النبي صلىاللهعليهوآله بكثرة المال ، فاستجاب الله دعاء نبيّه. فاتّخذ ثعلبة غنيمات فنمت كما ينمي الدود حتى ضاقت بها المدينة ، فنزل واديا وانقطع عن صلاة الجماعة والجمعة ، فتفقّده النبي صلىاللهعليهوآله وسأل عنه ، فقيل له : يا رسول الله! كثر ماله ، فقال صلىاللهعليهوآله : يا ويح ثعلبة!
ولمّا عيّن النبي صلىاللهعليهوآله رجلين لجباية الصدقات ، مرّا بثعلبة وأقرءاه كتاب النبي صلىاللهعليهوآله الذي فيه الفرائض ، وطلبا منه الصدقة ، فقال لهما : ما هذه إلّا جزية ، ما هذه إلّا أخت الجزية ، فارجعا حتى أفكّر وأرى رأيي.
فلمّا رجعا إلى النبي صلىاللهعليهوآله وقبل أن يخبراه بخبره بادرهما قائلا مرّتين : يا ويح ثعلبة! فنزلت فيه الآية ٧٥ من سورة التوبة : (وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ.)
والآية ٧٦ من نفس السورة : (فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ.)
والآية ٧٧ من السورة نفسها : (فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ.)
والآية ٧٨ من نفس السورة : (ألَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ وَأَنَّ اللهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ.)
ولما نزلت تلك الآيات على النبي صلىاللهعليهوآله تلاها على الذين كانوا في مجلسه ، وبيّن أنّها نزلت في حق ثعلبة ، وكان في مجلس النبي صلىاللهعليهوآله رجل من أقارب ثعلبة ، فلما سمع تلك الآيات وأسباب نزولها من النبي صلىاللهعليهوآله جاء إلى ثعلبة وقال له : ويحك يا ثعلبة! قد أنزل الله فيك كذا وكذا ، فانطلق ثعلبة إلى النبي صلىاللهعليهوآله فسأله أن يقبل منه صدقته ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : إنّ الله قد منعني أن أقبل صدقتك ، فجعل ثعلبة يحثو التراب على رأسه ، ورجع إلى بيته ، ولم يقبل النبي صلىاللهعليهوآله منه شيئا حتى قبض.
ويقال كان من جملة الذين بنوا مسجد الضرار ، فشملته الآية ١٠٧ من سورة التوبة :