بذل في توجيه قومه الجهد الجهيد والنصح الكثير لهدايتهم إلى عبادة الله ونبذ أوثانهم ، ولكن أخفقت جهوده ، فقابلوه بالجفاء والعناد والإصرار على كفرهم وشركهم ، وخصوصا من فرعون عصره نمرود بن كنعان بن كوش الّذي ادّعى الألوهية وأجبر الناس على عبادته وطاعته ، ولم يؤمن به سوى زوجته سارة وابن أخيه لوط عليهالسلام.
ولم يزل إبراهيم عليهالسلام يتّخذ موقفا سلبيّا من قومه وسلطانهم نمرود حتى أقدم على تحطيم أصنامهم الّتي كانوا يعبدونها ، فأمر نمرود بأن يلقوا بإبراهيم عليهالسلام في النار ليحرقوه ، ولكنّ الله سبحانه وتعالى جعل النار عليه بردا وسلاما.
وبعد أن لاقى الأمرّين من قومه وفرعون زمانه ـ وما لاقى منهم من الجفاء والعناد والاضطهاد ـ قرر الرحيل من بابل إلى أور الكلدانيين وهي مدينة قرب الشاطئ الغربي لنهر الفرات في العراق ، ثم انتقل إلى حرّان أو حاران ، وبعد مدة من مكوثه في حرّان رحل إلى فلسطين مصطحبا معه زوجته سارة وابن أخيه لوطا عليهالسلام وزوجته ، ونزل بمدينة شكيم ، وتدعى اليوم نابلس.
سكن مصر مدّة على أثر جدب أصاب البلاد الفلسطينية ، ثم عاد إلى فلسطين.
تزوّج عليهالسلام من ابنة خالته سارة بنت لاحج ، وقيل : خاران بن ناحور ، وكانت عاقرا ، ولما بلغ الخامسة والسبعين ، وقيل : السادسة والثمانين من عمره تزوج من هاجر القبطية المصرية فولدت إسماعيل عليهالسلام ، ثم انتقل إلى جرار ، واستوطن منطقة فيها بين قادس وشور.
بعد ولادة إسماعيل عليهالسلام بثلاث عشرة سنة جاءت المعجزة الإلهيّة فحملت زوجته العقيمة العجوزة الّتي بلغت من العمر ٩٠ سنة ، فولدت إسحاق عليهالسلام وعمر إبراهيم عليهالسلام يومئذ ١٠٠ سنة.
قبل أن تلد سارة إسحاق عليهالسلام ، كانت قد حسدت هاجر بولدها إسماعيل عليهالسلام ، فعاد الصفاء بين المرأتين ، فجاء الوحي من السماء إلى ابراهيم عليهالسلام بأن يرحل بهاجر وإسماعيل عليهالسلام إلى مكة ، فنقلهما جبرئيل عليهالسلام إلى مكة ووضعهما عند بئر زمزم ، ومكّة