يستولي عليها ، فرأت يوما طائرا يزق فرخا له ، فتمنّت الولد ، فنذرت لله إن هي حملت جعلت وليدها خادما من خدمة وسدنة المعبد ببيت المقدس ، فتدخلت عظمة وإرادة الباري سبحانه وتعالى ، فحاضت من فورها مع تقدّمها في السن ، وبعد أن طهرت واقعها زوجها فحملت بمريم عليهاالسلام ، وبعد أن ولدتها سمّتها مريم ، وأخذتها إلى سدنة معبد هيكل سليمان بن داود عليهالسلام ببيت المقدس ، وكانوا أحبارا من ولد هارون ، أخي موسى بن عمران عليهالسلام.
لم يمض طويلا على ولادتها لمريم عليهالسلام حتى توفّي زوجها ، وقيل : توفّي ومريم عليهاالسلام جنين في بطن أمها.
كان الله تعالى قد أوحى إلى عمران ـ والد مريم عليهاالسلام ـ بأنه سيهبه ذكرا يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذنه ، فبشّر عمران زوجته حنّة بذلك ، وبعد أن حملت نذرت بأن تهبه للكنيسة ، فلما وضعتها أنثى قالت : رب إني نذرت لك ما في بطني محررا للمحراب ، وهذه أنثى. قال الإمام الصادق عليهالسلام : «إن قلنا لكم في الرجل منّا قولا فلم يكن فيه كان في ولده أو ولد ولده ، فلما وهب الله لمريم عليهاالسلام عيسى عليهالسلام كان هو الذي بشّر الله تعالى عمران ووعده إيّاه».
توفّيت بعد ولادتها لمريم عليهاالسلام بثمان سنين ودفنت بظاهر دمشق.
يعيّد المسيحيون لها في الثامن من شهر آب في كل سنة.
القرآن المجيد وحنة بنت فاقوذ
(إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي ....) نزلت فيها الآيات التالية.
آل عمران ٣٦ (فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ ....)
مريم ٢٨ (وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا.)(١)
__________________
(١). الآثار الباقية ، ص ٤١١ ؛ أعلام قرآن ، للخزائلي ، ص ٦٨٣ ؛ الأنبياء ، للعاملى ، ص ٤٦٩ و ٤٧٠ ؛ البداية