ولدته أمّه في إحدى المغارات وتركته ، فكانت تأتيه شاة كلّ يوم فترضعه ، وفي أحد الأيام عثر عليه صاحب الشاة فأخذه وربّاه.
ولم يزل الخضر عليهالسلام عند صاحب الشاة حتى شبّ وتعلّم القراءة والكتابة ، ومرّة طلب أبوه ـ ملكان ـ كاتبا ليكتب له صحف إبراهيم الخليل عليهالسلام وشيث عليهالسلام ، فتقدّم جماعة للكتابة بينهم الخضر عليهالسلام وأبوه لا يعرفه ، فلما تعرّف عليه أبوه فرح به ، ونقله إلى البلاط ، وولّاه أمر الناس ، وزوّجه أكثر من مرة ، عسى أن يرزق منه ولدا ؛ ليرث الملك بعده ، ولكنه كان يمتنع من إتيان الزوجات ؛ ولما كان الخضر عليهالسلام لا يستسيغ حياة الترف والعيش الرغيد في قصور الملوك فضّل الفرار إلى الصحاري والبحار ، فكان أكثر مقامه في الأنهار والبحار.
ولم يزل سائحا حتّى شرب ماء الحياة ـ ذلك الماء الّذي من شرب منه شربة يخلد حتى يسمع الصيحة في آخر الزمان ـ ومنحه الله القدرة على تصوير وتغيير شكله كيفما شاء.
كانت ولادته قبل عصر إبراهيم الخليل عليهالسلام ، وعن الإمام الرضا عليهالسلام قال : «إنّ الخضر عليهالسلام شرب من ماء الحياة ، فهو حيّ لا يموت حتى ينفخ في الصور ، وإنّه ليأتينا فيسلّم علينا ، فنسمع صوته ، ولا نرى شخصه ، وسيؤنس الله به وحشة قائمنا في غيبته ، ويصل به وحدته».
لما ادّعى موسى بن عمران عليهالسلام أعلميته من جميع الناس أوحى الله إليه بأنّ هناك رجلا بمجمع البحرين هو أعلم منك ، فسأل موسى عليهالسلام ربّه كيفية الوصول إليه؟ فجاء الوحي إليه بأن خذ حوتا وضعه في مكتل ، فأينما يفقد الحوت فهو هناك.
فانطلق موسى عليهالسلام بصحبة يوشع بن نون مع مكتل فيه حوت ، وفي الطريق أخذهما النوم عند صخرة على ساحل البحر ، فخرج الحوت من المكتل وانحدر إلى البحر ، فلما استيقظا واصلا سفرهما ، وبعد أن جاوزا الصخرة وجدا أنّ الحوتة قد خرجت من المكتل عند الصخرة الّتي ناما عندها في مجمع البحرين في خليج السويس.
فرجع موسى عليهالسلام وصاحبه إلى الصخرة فوجدا عندها رجلا ـ وهو الخضر عليهالسلام ـ فسلّم موسى عليهالسلام عليه ، وعرّفه بنفسه ، ثم أخبره بأنه جاء إليه لكي يتعلّم منه ، فقال