والتبرّك ، فلمّا ساءت عاقبته وصنع العجل قال له إبليس : ضع مقدارا من ذلك التراب في جوف العجل ، ففعل السامريّ ذلك ، فأخذ العجل يتحرّك ويخور كما يخور العجل الحقيقيّ ، فلما رأى الإسرائيليّون حركة العجل وخواره سجدوا له وعبدوه.
فلمّا علم هارون عليهالسلام ـ أخو موسى عليهالسلام ـ بخبر قومه مع السامريّ وعجله سعى إليهم وزجرهم ونهاهم عن عبادة عجل لا ينفعهم ولا يضرّهم ، وقدّم لهم البراهين والحجج بأنّهم فتنوا وغلبوا على أمرهم ، وأنّ الشيطان والسامريّ أضلّوهم وغشّوهم ، فقابلوه بالعناد والإهانة وهمّوا بقتله ، فهرب منهم.
وبعد أن رجع موسى عليهالسلام من الميقات ومعه التوراة إلى قومه وعلم بخبرهم غضب لذلك ، وأخذ العجل وحطّمه وألقى بحطامه في البحر ، وألقى القبض على السامريّ وهمّ بقتله ، ولكنّ الله سبحانه وتعالى نهاه عن ذلك ، فنفاه عن فلسطين ، وأمر الإسرائيليين بمقاطعته وعدم مخالطته ومجالسته.
هام السامريّ بعد تلك المضايقات على وجهه في البراري والقفار مع الوحوش والسباع.
جعله الله منبوذا بين الناس ، يتوقّاه كلّ أحد كما يتوقّى السالم المجذوم ، فكان يتألّم ألما شديدا إذا مسّه أحد من الناس ، فكان إذا رأى الناس يرجوهم أن لا يمسّوه ، ويقول لهم : لا مساس ، لا تمسّوني ، ولا تقربوا منّي ، ولم يزل على تلك الحالة التعسة حتى هلك.
أمّا عبدة العجل من أتباعه فندموا على فعلهم ، وقرّروا أن يتوبوا إلى الله ، فصدرت الأوامر من السماء بأنّ توبتهم لا تقبل إلّا أن يقتل بعضهم بعضا ، فجاءوا إلى بيت المقدس ومعهم سكاكين وسيوف وآلات جارحة ، فتقاتلوا فيما بينهم حتى هلك منهم ما يربوا على عشرة آلاف أو سبعين ألفا ، وجرح الكثيرون.
وبعد تلك الملحمة الدمويّة أخبر الله موسى عليهالسلام بأنه تاب عليهم ، وعليه أن يوقف القتال بينهم ، فأمرهم موسى عليهالسلام بالكفّ عن ذلك.
وهناك أقوال وروايات أخر تدور حول قصة السامريّ وعجله تركناها لعدم الإطالة.