الصابئة ويعبدون الشمس من دون الله سبحانه ، ولهم ملكة عظيمة يطيعونها تدعى بلقيس بنت شراحيل ، ولها عرش فخم مزيّن بأنواع الجواهر والأحجار الكريمة. فلمّا سمع سليمان عليهالسلام كلام الهدهد زوّده بكتاب ليوصله إلى بلقيس ، وفيه : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ.)
فأخذ الهدهد الرسالة إلى اليمن ودخل بلاط بلقيس وألقاها على سريرها ، فلما قرأته ووقفت على تهديد سليمان عليهالسلام لها ولدولتها قرّرت القدوم عليه ، فجاءت إلى بيت المقدس حاملة معها الهدايا العظيمة له ، ولمّا علم سليمان عليهالسلام بمقدمها بنى لها صرحا عظيما وأحضر بقدرة الله عرشها من اليمن ووضعه في الصرح الشامخ الذي أعدّه لاستقبالها.
فلما دخلت بيت المقدس ورأت عرشها العظيم قد جيء به من اليمن ووضع في صرح الاستقبال اهتدت وتيقّنت بنبوّته وعظم شأنه ، فأسلمت على يديه وآمنت بالله وبرسالته ، وتركت عبادة الصابئة.
يقال : إن سليمان عليهالسلام تزوّجها فأنجبت منه ، وأقرّها على ملكها في اليمن ، وكان يتردّد عليها ويزورها في كل شهر مرّة ، ويقيم عندها ثلاثة أيّام ثم يعود إلى القدس ، وأمر ببناء ثلاثة قصور لها في اليمن ، وسمّاها : غمدان ، وسالحين ، وبيتون.
ويقال : إنّه تزوّج بالإضافة إليها ألف امرأة أخرى ، ومن بينهنّ ابنة فرعون مصر ، وابنة ملك الشام.
استخدم عددا من الوزراء والمستشارين ، منهم : زابود بن ناتان ، وقادة ، مثل : بنايا ابن بويادع ، ووكلاء وخزنة كأبيشار وأدونيرام ، وكان له اثنا عشر وكيلا على نفقاته ومنحه.
حجّ إلى بيت الله الحرام ، وكسا الكعبة الشريفة ثوبا ، فكان أوّل من كساها.
يقال : إنّه اخترع الحروف العربية والسريانية ، وتنسب إليه مؤلّفات في الحكمة وعلم الحيوان والطيور والنباتات ، وينسب إليه سفر الحكمة.
قام برحلات عديدة ، منها : رحلته من بلاد الشام إلى العراق فمرو ، ثمّ بلخ ، ومنها توغل في بلاد الترك ، ودخل الصين ، وأتى إلى مدينة قندهار ، ثم جاء إلى كسكر في