وبعد أن ألحّ على قومه باتّباع شريعته والإيمان بالله وحده طلبوا منه على لسان رئيسهم ـ جندع بن عمرو بن محلاة بن لبيد ـ أن يطلب من الله أن يشقّ جبلا كان بالقرب منهم ، ويخرج لهم منه ناقة حمراء كثيرة الوبر حاملا قضى على حملها عشرة أشهر ، ترضع فصيلها أمامهم ، فإن أنجز ذلك يكن مصداقا لنبوته ؛ فيؤمنوا به. فطلب صالح عليهالسلام من الله أن ينفّذ ما أرادوا ، فلبّى الجليل عز اسمه طلبهم ، فأتاهم بالناقة بالمواصفات التي طلبوها وبصحبتها فصيلها.
ثم أوحى الله إلى صالح عليهالسلام أن يحذّرهم من الإساءة إلى الناقة وفصيلها ، ومن التّعدي على أكلها وشربها المقسّم بينهم وبينها.
لمّا رأى قومه معجزته رموه بالسحر والدجل والكذب ، ولم يؤمن به إلّا القليل منهم ، بينهم رئيسهم جندع بن عمرو.
لما رأى رؤساؤهم وأكابرهم معجزة صالح عليهالسلام ، ثقل عليهم الإذعان له وإطاعة أوامره ونواهيه ؛ لعنجهيّتهم وغرورهم ، فقرّروا عقر الناقة ، فتقدّم رجل منهم يدعى مصدعا ، وقيل : مصرع بن مهرج بن المحيا ، فرمى الناقة بسهم فعقرها ، ثم جاء رجل آخر يدعى قدار بن سالف بن جندع فنحرها ، وتتبّع جماعة فصيلها وقتلوه.
لمّا علم صالح عليهالسلام بمقتل الناقة وفصيلها أنذرهم بنزول العذاب من الله عليهم ، فقابلوه بالسخرية والاستهزاء ، وقرّروا قتله.
وبعد إصرارهم على كفرهم وطغيانهم وتحدّيهم لأوامر السماء وتآمرهم على نبيّهم أنزل الله عليهم صاعقة من السماء مصحوبة بصيحة عظيمة وزلزال ورعد وبرق ، فقضت عليهم وعلى أكثر مساكنهم وممتلكاتهم ، ولم يسلم منهم إلّا صالح عليهالسلام ومن آمن به ؛ ولم يتجاوزوا مائة وعشرين شخصا ، وقيل : أربعة آلاف شخص.
وبعد تلك المجزرة الرهيبة وهلاك قوم ثمود قرّر صالح عليهالسلام وشيعته الرحيل إلى الرملة بفلسطين ، ويقال : رحلوا إلى مكّة وسكنوها ، ويقال : ذهبوا إلى حضرموت واستوطنوها.
وبعد أن عاش ١٥٠ سنة ، وقيل : ٢٠٨ سنوات ، وقيل : ٢٥٠ سنة ، وقيل :