وبعد أن أكمل بناء السفينة أمره الله بأن يركّب فيها أهله إلّا زوجته واغلة ، وهي أمّ أولاده سام ويافث وكنعان وعابر ، وكانت كافرة مشركة تتّهمه بالجنون وتشي به ، وبالإضافة إلى أهله حمل معه زوجين اثنين من كلّ حيوان ووحش وطير ، وأدخل في السفينة جماعة من الذين آمنوا به وصدّقوه ، وكانوا أربعين رجلا وامرأة ، وقيل : كانوا ستّة أشخاص ، وقيل : عشرة ، وقيل غير ذلك. ولمّا استقرّ هو ومن معه على السفينة جاءت ساعة الصفر وانبعثت المياه من جميع أنحاء الأرض ، وانفجرت عيونها ، وغطّت البسيطة بحار من المياه ، فحملت المياه السفينة ومن عليها إلى أعالي سطحها ، فجاء الماء على كلّ شيء ، في سطح الأرض وأغرقه ، فبقيت السفينة مستقرّة في أعالي المياه حتّى غرق كلّ شيء ، ثمّ استقرّت على جبل الجوديّ من جبال أرارات في ديار بكر ، وقيل : بالموصل ، وقيل : جبل بين دجلة والفرات ، وقيل : قرب جزيرة ابن عمر التغلبيّ فوق الموصل ، وقيل : هو فرات الكوفة ـ والله أعلم ـ ثم خرج ومن معه من السفينة إلى سفح الجبل ، وأقاموا هناك مدينة سمّوها مدينة الثمانين ، ثمّ انتشروا على سطح الأرض وتزاوجوا وتكاثروا حتّى ملئوا الكرة الأرضيّة.
كان نسله من أولاده سام وحام ويافث ، وكان له ولد رابع يدعى كنعان ، وكان كافرا غرق في الطوفان.
وكان له زوجتان : واغلة وكانت كافرة غرقت في الطوفان ، وأخرى مؤمنة تدعى عمورة ، وقيل : عمارة بنت ضمران بن أخنوخ حملها نوح عليهالسلام معه في السفينة وكانت من الناجين.
كان ركوب نوح عليهالسلام ومن معه السفينة في العاشر من شهر رجب ، واستمرّت في المسير مائة وخمسين يوما ، وحطّت على جبل الجوديّ شهرا ، وكان خروجه وأتباعه من السفينة في اليوم العاشر من المحرّم.
كان الطوفان بعد ولادة نوح عليهالسلام بستّمائة وسنة واحدة ، وتوفّي يوم الأربعاء من شهر أيّار وعمره يومئذ ١٧٨٠ سنة ، وقيل : ٢٥٠٠ سنة ، وقيل : ٢٤٥٠ سنة ، وقيل غير ذلك ، والله أعلم.