وكيفيّة الاستدلال بهما أنّ الذي لا يعلمه ولا يعرفه فإنّه مرفوع عنه ، والمقصود من الرفع في حديث الرفع كما هو ثابت في محلّه من علم أُصول الفقه إمّا أن يكون المرفوع هو معظم الآثار أو المؤاخذة أو الرفع الواقعي بمعنى ما كان شرطاً فعند عدم العلم به لا يكون شرطاً.
فإن قيل رفع المجهول إنّما يصدق فيما لم يكن العلم ومعه يرتفع الرفع ، فإنّه يقال : عدم العلم لم يجعل في النصوص قيداً للرفع ، بل جعل ما لا يعلم وصفاً عنوانياً للمجهول ، فهو مرفوع بلا قيد إلّا في الأعمال المتجدّدة فإنّها غير مرفوعة لخروجها عن عنوان ما لا يعلمون ودخول في (ما يعلم) فتأمّل.
وأمّا البحث باعتبار الصغريات والعناصر الخاصّة والحكم الجزئي فإنّه يقال : لا تعاد الصلاة في وقتها لحديث (لا تعاد الصلاة إلّا من خمس) فهذا المورد ليس من الخمسة ، فلا تعاد حاكمة بعدم لزوم الإعادة إن كانت الصلاة فاقدة لغير الجزء الركن والشرط الركني ، فيقيّد به إطلاق حديث الرفع.
ثمّ الظاهر من كلمة (لا تعاد) ليس الإعادة المصطلحة بل بمعنى استيناف العمل وهذا أعمّ من الأداء والقضاء.
وإن قيل : (لا تعاد) يختصّ باستيناف العمل في الوقت ، فيجاب أنّ وجوب القضاء مترتّب على الفوت وهو غير ثابت.
وقيل : القضاء مترتّب على الفوت المساوق لذهاب شيء من المكلّف مع ترتّب حصوله منه لكونه فرضاً فعليّاً أو ذا ملاك لزومي ، فهو عنوان ثبوتي ، فلا ينتزع من عدم الفعل في الوقت لأنّ المفاهيم الثبوتيّة يستحيل انتزاعها من العدم