الأعمال اللاحقة دون السابقة؟
فلو كان الاجتهاد الأوّل الزائل بالثاني معتبراً أيضاً بالنسبة إلى الأعمال الاولى ، ولا منافاة أن يتعبّد الشارع بهذا المعنى ، فإنّه يرد على مثل هذا الاعتبار في الاجتهاد الأوّل أمران :
الأوّل : لا يزيد هذا الاعتبار على العلم الوجداني ، فلو تيقّن بقضيّة ، ثمّ زال اليقين وشكّ أنّ اليقين الأوّل هل كان تامّاً؟ أو تيقّن أنّه كان فاسداً ، فإنّه يلزم عدم اعتبار اليقين الأوّل حينئذٍ ، وكذلك فيما نحن فيه بطريق أولى ، فلا يتوهّم الإجزاء ، فإنّ ما كان في السابق لا يكون أكثر رتبة من العلم الوجداني ، وما يكون في اللاحق ينزل منزلة العلم من أوّل الأمر ، فحينئذٍ كيف يقال بالإجزاء؟ ولا يقال به إلّا على التصويب الباطل في مذهبنا.
ولا يخفى ما ذكرناه إنّما يتمّ لو كان المراد من الانكشاف باعتبار الانكشاف الواقعي الوجداني ، أمّا لو كان الانكشاف انكشافاً اعتبارياً ظاهرياً ، كما في ظهور كلمات النكاح أنّه إيجاب وقبول بتعيّن الشارع ، فالاجتهاد الثاني لم يكن من الانكشاف الواقعي عمّا في اللوح المحفوظ ، فيمكن حينئذٍ للشارع اعتبار اليقين السابق حتّى بعد الزوال مع القول ببطلان التصويب ، وكذلك في العلم الاعتباري كإقرار زيد : أنّ الدار لعمرو ثمّ رجوعه عن الإقرار الأوّل بإقرار آخر أنّها لبكر ، ويحتمل صحّة الإقرار الثاني ، كما يحتمل المطابقة للواقع في الإقرار الأوّل أنّ الدار في علم الله لعمرو ، فالإقرار الثاني ليس كشفه كشف وجداني ، وكذلك الأوّل ، ومن هذا المنطلق يقال : إنّ الدار لعمرو كما على زيد أن يدفع قيمتها لبكر ، لحجّية إقراره