عارف عدل يذكر له مدرك الحكم من الكتاب والسنّة ، فإن ساعد نعته على معرفة مدلولهما وإلّا ترجم له معانيها بالمرادف من نعته ، وإن كانت الأدلّة متعارضة ذكر له المتعارضين ونبّهه على طريق الجمع ، وبعد تعذّره يذكر أخبار العلاج ، وإذا احتاج إلى معرفة الراوي ذكر له حاله.
ثمّ قال صاحب الفصول : ووضوح فساده يغني عن البيان.
فالمسألة حينئذٍ اختلافية ، وإن كان القائل بوجوب الاجتهاد على العامي نادراً وفاسد القول. فإنّه يلزمه العسر والحرج واختلال النظام ، كما أنّ الرجوع إلى عارف عدل هو من التقليد ، فتأمّل.
وثانياً : لو كان جواز التقليد بديهيّاً لما احتاج القوم إلى إثباته في الفروع بالدليل ، كما لا حاجة إلى أن يقول حينئذٍ : (وإلّا لزم سدّ باب التقليد على العامي).
وثالثاً : إن أُريد من الفطرة كما في علم النفس بمعنى الغريزة في الإنسان ، فجواز التقليد في الأحكام لم ينشأ من الغريزة ، فكيف كان الحكم به جبلّي فطري؟
وإن أُريد به المعنى المصطلح المنطقي أي القضايا التي قياساتها معها ككون الأربعة زوجاً ، لانقسامها إلى متساويين فهو غير تامّ (فإنّ الفطري بهذا المعنى كون العلم نوراً وكمالاً للعاقلة في قبال الجهل ، لا لزوم رفع الجهل بعلم العالم ولا نفس رفع الجهل ، وإن أُريد من الفطري أنّ جواز التقليد جبلّي طبعي فهو غير وجيه لأنّ ما هو جبلّي طبعي شوق النفس إلى كمال ذاتها وكمال قواها لا لزوم