وأفقههم في الشبهات وآخذهم بالحجج .. (١).
والاستدلال إنّما يتمّ به بناءً على شمول الحكم للإفتاء أيضاً. كما ورد الذمّ على من يتصدّى للقضاء وفي المصر من هو أفضل منه.
فأمير المؤمنين (عليهالسلام) أمر مالك بأن يختار الأفضل من رعيّته للحكم الذي هو أعمّ من القضاء المصطلح فيعمّ الفتوى ، فيدلّ على وجوب تقليد الأعلم.
وقد وقعت المناقشة أيضاً من جهة السند والدلالة.
فقيل بضعف السند للإرسال ، وجوابه واضح فإنّ العهد العلويّ قد ورد في نهج البلاغة ، وقد حقّق أساطين العلم والفنّ سنده بالتفصيل ، كما أنّ هذا العهد بالخصوص ممّا تلقّاه الأصحاب بالقبول خلفاً عن سلف ، وقد شرحوه بشروح كثيرة ومصنّفات قيّمة ، ومتنه أصدق شاهد على صحّته ، فإنّه فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق ، وإنّه كلام الإمام وإمام الكلام ، فمن يمكنه أن يتفوّه بذلك لولا أبو الحسن أمير المؤمنين أسد الله الغالب عليّ بن أبي طالب (عليهالسلام).
وجامع نهج البلاغة السيّد الشريف الرضيّ فإنّه العدل الثقة عند العامّ والخاصّ المؤالف والمخالف ، وقد وثّق أسناد نهج البلاغة وكفى بذلك دليلاً ، فهو كالقرآن الكريم على نسق واحد أوّله كأوسطه وأوسطه كآخره ، فلا نقاش في السند.
وأمّا مناقشة الدلالة :
١ ـ فقيل : ربما المقصود من مراعاة الأفضليّة والأعلميّة في الرعيّة هو من
__________________
(١) نهج البلاغة ، الكتاب ٥٣.