وعن بعض المتأخّرين ومتأخّري المتأخّرين التخيير بين الفاضل والمفضول ، كما حكي استظهاره من صاحب الفصول ، وذهب إليه سيّدنا الأُستاذ النجفي المرعشي (قدسسره).
وهناك من ذهب إلى التفصيل : كمن أوجب تقليد الأعلم عند العلم بمخالفة فتواه لفتوى غيره تفصيلاً أو إجمالاً في المسائل المبتلى بها. ومن احتاط وجوباً تقليد الأعلم مطلقاً مع الإمكان وأوجب الفحص عنه. ومنهم من أوجب الرجوع إليه لو لم يكن قول غيره موافقاً للاحتياط.
ثمّ لا يخفى أنّ هذه المسألة تبحث تارةً باعتبار عقل العامي المرتكز أي العقل الفطري ، وأُخرى باعتبار نظر المجتهد والفقيه بحسب ما يستنبطه من الأدلّة الشرعيّة.
وباعتبار عقل العامي كما يدعوه إلى أصل التقليد من باب رجوع الجاهل إلى العالم ، فإنّه يدعوه إلى تقليد الأعلم لا سيّما عند المعارضة والاختلاف بينهم ، فإنّه بحسب فطرته يرى أنّ رأي الأعلم أقرب للواقع ، فلا طريق له للمؤمّن من العقاب بعد علمه الإجمالي بالتكاليف وعدم وجوب الاحتياط عليه إلّا تقليد الأعلم ، للاشتغال ودوران الأمر بين التعيين والتخيير ، ويصحّ منه تقليد غير الأعلم لو رجع إلى الأعلم ، وكانت فتواه جواز تقليد غير الأعلم ، فتدبّر.
وأمّا نظر المجتهد فلما علم اختلاف الأعلام في تقليد الأعلم وعدمه ، لا بدّ من عرض الأقوال والأدلّة ثمّ بيان المختار ، كما هو الديدن ، إلّا أنّه من باب المقدّمة يؤسس أصلاً يرجع إليه عند عدم تماميّة الأدلّة والأقوال.