فنقول : لمّا كان المختار في أماريّة قول المجتهد هو الطريقيّة كما هو المشهور فتأسيس الأصل عليه تارةً يكون بنحو ينتج عدم لزوم تقليد الأعلم ، وأُخرى لزومه عقلاً.
بيان ذلك :
فيما لا يوجب تقليد الأعلم ، بأنّه لو كان مجتهدان متساويان في العلم ولا ثالث لهما ، فإنّ العقل يحكم بعد وجوب الاحتياط أو عدم جوازه فيتخيّر العامي بينهما ، وبعد الأخذ لو صار الآخر أعلم فيشكّ في بقاء التخيير فيستصحب ، وبعدم الفصل يتمّ في غير المفروض ، واستصحاب التخيير حاكم على دوران الأمر بين التعيين والتخيير.
وأُجيب بعدم وحدة الموضوع في القضيّتين ، ولا ينفع الاستصحاب الكلّي القسم الثالث لعدم الحكم الشرعي أو موضوعاً له في المقام ، فإنّ الجمع بين الحكم أمر انتزاعي اختراعي ، كما إنّه معارض باستصحاب آخر فيما لو انحصر أوّلاً التقليد في واحد لكونه أعلم ، فوصل الآخر إلى مرتبته فيستصحب تقليد الأعلم ويتمّ في غيره بالقول بعدم الفصل ، بل لا معنى للتمسّك بعدم الفصل في المسألة العقليّة ، فلا يتمّ هذا الأصل.
وأمّا فيما يوجب تقليد الأعلم ، فبعد العلم الإجمالي بالتكاليف الواقعيّة ولا بدّ من الخروج عن عهدتها تفصيلاً أو إجمالاً ، ولا يلزم الاحتياط ، بل ربما يقال بعدم جوازه للزوم اختلال النظام والعسر والحرج ، فيرجع الجاهل إلى العالم ، وعند دوران الأمر في الأعلم بين التعيين والتخيير ، فإنّ العقل الحاكم بالبراءة اليقينيّة