للاشتغال اليقيني يحكم بالتعيين ، فالقدر المتيقّن من الخروج عن حرمة العمل بالظنّ هو العمل بفتوى الأعلم وأمّا فتوى غيره فمشكوك فيه.
كما لا بدّ للمكلّف بعد اشتغال ذمّته بالتكاليف أن يأتي بما يصلح للاحتجاج به ، ويدور أمره بين حجّية الأعلم وغيره ، والاحتجاج بالأوّل معلوم دون الثاني فهو مشكوك فيه ولهذا يقدّم الأوّل فيلزم تقليد الأعلم باعتبار هذا الأصل ، ولمثل هذا لو لم تتمّ أدلّة الطرفين نقول بالاحتياط الوجوبي في تقليد الأعلم كما هو المختار.
وأمّا أدلّة القائلين بجواز تقليد غير الأعلم مع وجود الأعلم :
فإنّه يستدلّ على جواز الرجوع إلى المفضول مع وجود الفاضل بوجوه :
الأوّل الآيات الكريمة :
كقوله تعالى :
(فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
فأهل الذكر يختلفون في العلم والفهم ، والمسؤول إمّا جميعهم ، أو واحد المعيّن منهم أو غير المعيّن ، والأوّل مقطوع البطلان ، والآخران غير مراد ، فيلزم أن يكون المراد السؤال عمّن شاؤوا من أهل العلم ، فإطلاق الآية يعمّ المفضول مع وجود الفاضل.
وأُجيب باختصاصها ببني إسرائيل أو الأئمة الأطهار (عليهمالسلام) ، أو موردها النبوّة دون الفتاوى ، وأنّها تدلّ على الرجوع من دون ملاحظة اختلافهم في الفضيلة كما هو المفروض مع تعارض الأفضل مع الفاضل ، فلا إطلاق فيها حتّى تشمل المخالفة في الفتوى والفضيلة.